كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

نقل عَنهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَنقل الرَّازِيّ والبيضاوي عَنهُ أَن الْبَاقِي اصطلاحي فِيهِ أَن معلم الْكل لَا يلْزم أَن يكون وَاضعه بل التَّعْلِيم إِنَّمَا يكون بعد الْوَضع: وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون من الله أَو غَيره كالجن فَإِن قلت الأَصْل عدم الْوَضع من غَيره قلت المتمسك بالاستصحاب لَا يعْتَبر فِي مثل هَذَا الْمطلب، غَايَة الْأَمر أَن كَون الْقدر الْمَذْكُور بِوَضْع الله أَفَادَهُ الدَّلِيل فَقَالَ بِهِ وَتوقف فِي غَيره لعدم الدَّلِيل (وإلزام الدّور أَو التسلسل) على اخْتِلَاف الْقَوْم فِي تَقْرِير الْإِلْزَام: الْآمِدِيّ يسْتَلْزم التسلسل لتوقفه على اصْطِلَاح سَابق وَهُوَ على آخر وَهَكَذَا، وَاقْتصر ابْن الْحَاجِب على الدّور كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَذكر التَّفْتَازَانِيّ فِي وَجه اقْتِصَار الْآمِدِيّ على التسلسل أَن الدّور أَيْضا نوع من التسلسل بِنَاء على عدم تناهي التوقفات، وَفِيه مَا فِيهِ، وَفِي وَجه اقْتِصَار ابْن الْحَاجِب أَنه لَا بُد بِالآخِرَة من الْعود إِلَى الِاصْطِلَاح الأول ضَرُورَة تناهي الاصطلاحات (لَو لم يكن تَوْقِيف الْبَعْض) أَي الْقدر الْمَذْكُور (مُنْتَفٍ) خير الْمُبْتَدَأ يعين إِلْزَام أحد الْأَمريْنِ على تَقْدِير عدم تَوْقِيف الْبَعْض غير وَارِد، لِأَن طَرِيق معرفَة الْقدر الْمَذْكُور لَا ينْحَصر فِي الِاصْطِلَاح (بل الترديد) أَي اسْتِعْمَال اللُّغَات فِي مَعَانِيهَا مرّة بعد أُخْرَى (مَعَ الْقَرِينَة) الدَّالَّة على أَن المُرَاد من هَذَا اللَّفْظ هَذَا الْمَعْنى من الْإِشَارَة وَنَحْوهَا (كَاف فِي الْكل) أَي كل اللُّغَات فضلا عَن الْقدر الْمَذْكُور (وَتدْخل الْأَفْعَال والحروف) فِي عُمُوم الْأَسْمَاء (لِأَنَّهَا أَسمَاء لُغَة) لِأَن اسْم الشَّيْء هُوَ اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ، والتخصيص بِمَا يُقَابل الْفِعْل والحرف اصْطِلَاح النُّحَاة، وَقيل فَائِدَة الِاخْتِلَاف أَن من قَالَ بالتوقيف جعل التَّكْلِيف مُقَارنًا لكَمَال الْعقل، وَمن قَالَ بالاصطلاح أَخّرهُ عَن مُدَّة يُمكن فِيهَا من معرفَة الِاصْطِلَاح (وَهَذَا) أَي معنى هَذَا أَو هَذَا كَمَا ذكر (وَأما اعْتِبَار الْمُنَاسبَة) بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى الداعية لتعيين خُصُوص هَذَا اللَّفْظ لهَذَا الْمَعْنى (فَيجب الحكم بِهِ) أَي باعتبارها بَينهمَا (فِي وَضعه تَعَالَى) فَإِن خَفِي ذَلِك علينا فلقصور منا أَو لحكمة اقتضته (للْقطع بِحِكْمَتِهِ) وَهِي على مَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي شرح الْكَشَّاف العملم بالأشياء كَمَا هُوَ وَالْعلم بالأمور على مَا يَنْبَغِي وَيُطلق على مَا يشملها، وَمن الْعُلُوم أَن كل معنى لَيْسَ نسبته إِلَى جَمِيع الْأَلْفَاظ على السوية بل بَينه وَبَين بَعْضهَا مُنَاسبَة لَيست بَينه وَبَين غَيرهَا، وَيَنْبَغِي أَن يُرَاعى ذَلِك فِي الْوَضع والقادر الْحَكِيم لَا يفوت ذَلِك (وَهُوَ) أَي اعْتِبَار الْمُنَاسبَة (ظَاهر فِي) وضع (غَيره) بِنَاء على أَن الظَّاهِر من حَاله عدم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح، فَهُوَ مظنون فِي حَقه (وَالْوَاحد قد يُنَاسب بِالذَّاتِ الضدين) جَوَاب على استدلالنا فِي اعْتِبَار الْمُنَاسبَة، تَقْرِيره اللَّفْظ الْوَاحِد قد يكون للشَّيْء ونقيضه أَو ضِدّه، كالجون للأحمر والأبيض وَالْأسود. والقرء للْحيض وَالطُّهْر، ومناسبته لأَحَدهمَا تَسْتَلْزِم عدمهَا إِلَى الآخر وَحَاصِل الْجَواب منع الاستلزام بِهَذَا السَّنَد (فَلَا يسْتَدلّ على نفي

الصفحة 54