كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

لُزُومهَا) أَي الْمُنَاسبَة (بِوَضْع) اللَّفْظ (الْوَاحِد لَهما) أَي الضدين، وَهَذَا بِنَاء على تَقْرِير الِاسْتِدْلَال على الْوَجْه الْمَذْكُور، وَأما إِذا قررت بِأَنَّهُ لَو كَانَت دلَالَة الْأَلْفَاظ لمناسبة ذاتية لما وضع اللَّفْظ الْوَاحِد للنقيضين، لِأَنَّهُ يسْتَلْزم الِاخْتِلَاف فِيمَا بِالذَّاتِ إِن دلّ عَلَيْهِمَا، فَلَا يُجَاب بِمَا ذكر، لَكِن القَوْل بِدلَالَة الْأَلْفَاظ الْمُنَاسبَة طبيعية، فَلَا يحْتَاج إِلَى الْوَضع كَمَا عزى إِلَى بعض الْمُعْتَزلَة مِنْهُم عباد بن سُلَيْمَان مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يصدر من الْعَاقِل، وَلذَا أولوه بِمَا ذكر فِي مَحَله، وأوله المُصَنّف رَحمَه الله بِمَا يَأْتِي، وَالْجُمْهُور على أَن نِسْبَة الْأَلْفَاظ إِلَى الْمعَانِي على السوية وَتَخْصِيص الْبَعْض بِالْبَعْضِ إِرَادَة الْوَاضِع الْمُخْتَار، غير أَن المُصَنّف رَحمَه الله مَال إِلَى اعْتِبَار الْمُنَاسبَة على مَا ذكر، وأيده بقوله (وَهُوَ) أَي اعْتِبَار الْمُنَاسبَة على الْوَجْه الْمَذْكُور (مُرَاد الْقَائِل بِلُزُوم الْمُنَاسبَة فِي الدّلَالَة) لَا الْمُنَاسبَة الذاتية الْمُقْتَضِيَة إِيَّاهَا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مُرَاده مَا ذكر بل مَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ (فَهُوَ) أَي مُرَاده أَو قَوْله (ضَرُورِيّ الْبطلَان) فَلَا يحْتَاج إِبْطَاله إِلَى الْحجَّة والبرهان كَمَا فعله ابْن الْحَاجِب وَكثير من أهل الشَّأْن (والموضوع لَهُ) اللَّفْظ (قيل الذهْنِي دَائِما) أَي الصُّور الذهنية سَوَاء كَانَ مَوْجُودا فِي الذِّهْن وَالْخَارِج أَو فِي الذِّهْن فَقَط، وَهَذَا مُخْتَار الإِمَام الرَّازِيّ (وَقيل) الْمَوْضُوع لَهُ الْمَوْجُود (الْخَارِجِي) وعزى إِلَى أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ (وَقيل الْأَعَمّ) من الذهْنِي والخارجي، وَقَالَ الْأَصْفَهَانِي هُوَ الْحق (وَنحن) نقُول اللَّفْظ (فِي الْأَشْخَاص) أَي فِي الْأَعْلَام الشخصية مَوْضُوع (للخارجي) أَي للموجود الْخَارِجِي (وَوُجُوب استحضار الصُّورَة) أَي الصُّورَة الذهنية للموجود الْخَارِجِي (للوضع) أَي لِأَن يضع اللَّفْظ بِإِزَاءِ ذَلِك وَالْمَوْجُود الْخَارِجِي (لَا يَنْفِيه) أَي لَا يَنْفِي كَونه للخارجي جَوَاب لمن قَالَ للذهني، لِأَن الْوَاضِع إِنَّمَا يستحضر صُورَة فَيَضَع الِاسْم بإزائها، فالموضوع لَهُ تِلْكَ الصُّورَة وَحَاصِله أَن الصُّورَة آلَة لملاحظة الْخَارِجِي، لَا أَنه وضع لَهَا (ونفيناه) أَي وضع الْأَلْفَاظ (للماهيات الْكُلية) لما سنذكر فِي بحث الْمُطلق (سوى علم الْجِنْس على رَأْي) أَي على رَأْي من يفرق بَينه وَبَين اسْم الْجِنْس بِأَنَّهُ للْحَقِيقَة المتحدة، وَاسم الْجِنْس لفرد مِنْهَا غير معِين، وَهُوَ الْأَوْجه على مَا ذكره المُصَنّف رَحمَه الله، وَفِي اسْم الْجِنْس مذهبان: أَحدهمَا أَنه مَوْضُوع للماهية مَعَ وحدة لَا بِعَينهَا، وَيُسمى فَردا منتشرا وَذهب إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن الْحَاجِب، وَاخْتَارَهُ التَّفْتَازَانِيّ وَقطع بِهِ المُصَنّف رَحِمهم الله، وَالْآخر أَنه مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ، وَاخْتَارَهُ السَّيِّد الشريف رَحمَه الله، فالموضوع لَهُ على الأول الْمَاهِيّة بِشَرْط شَيْء، وعَلى الثَّانِي لَا بِشَرْط شَيْء، وَسَيَجِيءُ بَيَانه فِي بحث الْمُطلق إِن شَاءَ الله تَعَالَى (بل) مَا سوى الْأَعْلَام الشخصية والجنسية مَوْضُوع (لفرد غير معِين) وَهُوَ

الصفحة 55