كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

الْفَرد الْمُنْتَشِر (فِيمَا) وضع لمَفْهُوم كلي (أَفْرَاده خارجية أَو ذهنية) فَإِن كَانَت خارجية فالموضوع لَهُ فَرد مَا من تِلْكَ الْأَفْرَاد الخارجية، وَإِن كَانَت ذهنية من الذهنية، وَإِن كَانَت ذهنية وخارجية، فَالظَّاهِر أَن الْعبْرَة بالخارجية (وَطَرِيق مَعْرفَتهَا) أَي معرفَة الأوضاع (التَّوَاتُر كالسماء وَالْأَرْض وَالْحر وَالْبرد وَأكْثر) أوضاع (أَلْفَاظ الْقُرْآن مِنْهُ) أَي مِمَّا عرف بالتواتر، أَشَارَ إِلَى دفع مَا شكك بِهِ بعض المبتدعة من أَن أَكثر الْأَلْفَاظ دورانا على الألسن كالجلالة وَقع فِيهِ الْخلاف أسرياني أم عَرَبِيّ مُشْتَقّ، ومم؟ أَو مَوْضُوع ابْتِدَاء، وَلم؟ فَمَا ظَنك بِغَيْرِهِ، وَأَيْضًا الروَاة لَهُ معدودون كالخليل والأصمعي، وَلم يبلغُوا عدد التَّوَاتُر، فَلَا يحصل الْقطع بقَوْلهمْ، وَأَيْضًا الْغَلَط عَلَيْهِم فِي تتبع كَلَام البلغاء جَائِز، وَالْجَوَاب مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (والتشكيك فِيهِ) أَي فِيمَا عرف بالتواتر (سفسطة) أَي مُكَابَرَة (فِي مَقْطُوع) بِهِ بأخبار من يحِيل الْعقل تواطأهم على الْكَذِب (والآحاد) مَعْطُوف على التَّوَاتُر، وَهِي مَا لم يبلغ حد التَّوَاتُر من الْأَخْبَار (كالقر) بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء للبرد (واستنباط الْعقل من النَّقْل) طَرِيق ثَالِث لمعرفتها (كنقل أَن الْجمع الْمحلى) بِاللَّامِ (يدْخلهُ الِاسْتِثْنَاء) الْمُتَّصِل، وَهَذِه مُقَدّمَة نقلية (وَأَنه) أَي الِاسْتِثْنَاء (إِخْرَاج بعض مَا يَشْمَلهُ اللَّفْظ) أَي لفظ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَهِي أَيْضا نقلية (فَيحكم) الْعقل بعد التَّأَمُّل فِي هَاتين المقدمتين النقليتين (بِعُمُومِهِ) أَي الْجمع الْمَذْكُور وتناوله جَمِيع الْأَفْرَاد بضميمة عقلية، هِيَ أَن الْإِخْرَاج تَحْقِيقا لَا يتَحَقَّق إِلَّا بتناول صدر الْكَلَام للمخرج تَحْقِيقا، وَذَلِكَ لَا يتَحَقَّق بِدُونِ الْعُمُوم، ولمزيد حَاجَة هَذَا الْقسم إِلَى أَعمال الْعقل سمي بِالِاسْمِ الْمَذْكُور، وَإِن كَانَ الْعقل لَهُ مدْخل تَامّ فِي الْأَقْسَام كلهَا (أما) الْعقل (الصّرْف) أَي الْخَالِص من غير مدخلية النَّقْل (فبمعزل) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الزَّاي بمَكَان بعيد عَن الِاسْتِقْلَال بِمَعْرِِفَة الْوَضع (وَلَيْسَ المُرَاد) من النَّقْل (نقل قَول الْوَاضِع كَذَا لكذا) أَي اللَّفْظ الْفُلَانِيّ مَوْضُوع للمعنى الْفُلَانِيّ (بل) المُرَاد (توارث فهم كَذَا من كَذَا) أَي الْخلف من السّلف أَنه يفهم الْمَعْنى الْفُلَانِيّ من اللَّفْظ الْفُلَانِيّ إِفَادَة واستفادة (فَإِن زَاد) طَرِيق النَّقْل على الْقدر الْمَذْكُور بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع لهَذَا الْمَعْنى (فَذَاك) أقوى وأصرح (وَاخْتِلَاف فِي) جَوَاز إِثْبَات اللُّغَة بطرِيق (الْقيَاس) وَهُوَ إِلْحَاق معنى بِمَعْنى مُسَمّى باسم فِي التَّسْمِيَة بذلك الِاسْم، فجوزه القَاضِي وَابْن سُرَيج وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَالْإِمَام الرَّازِيّ، وَقيل عَلَيْهِ أَكثر عُلَمَاء الْعَرَبيَّة، وَالأَصَح مَنعه، وَهُوَ قَول عَامَّة الْحَنَفِيَّة وَأكْثر الشَّافِعِيَّة وَالْغَزالِيّ والآمدي (أَي إِذا سمي مُسَمّى باسم فِيهِ) أَي ذَلِك الِاسْم (معنى) بِاعْتِبَار أَصله من حَيْثُ الِاشْتِقَاق أَو غَيره (يخال) أَي يظنّ صفة معنى (اعْتِبَاره) أَي ذَلِك الْمَعْنى (فِي التَّسْمِيَة) بِأَن يكون سَبَب تَسْمِيَة ذَلِك الْمُسَمّى بذلك الِاسْم (للدوران) مُتَعَلق بيخال: أَي الظَّن

الصفحة 56