كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

(كَونه) أَي الدوران (طَرِيقا) مثبتا تَسْمِيَة الشَّيْء باسم لمشاركته الْمُسَمّى فِي معنى دَار الِاسْم مَعَه وجودا وعدما فِي الْمُسَمّى (هُنَا) أَي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَإِن سلمنَا كَون الدوران طَرِيقا صَحِيحا لإِثْبَات المطالب فِي الْجُمْلَة (وَكَونه) أَي الدوران (كَذَلِك) أَي طَرِيقا صَحِيحا لإِثْبَات الحكم (فِي الشرعيات) العمليات (للْحكم الشَّرْعِيّ) أَي لتعديته من مَحل إِلَى مَحل أَو لإثباته بِهَذَا الطَّرِيق (لَا يستلزمه) أَي كَونه طَرِيقا صَحِيحا (فِي) إِثْبَات (الِاسْم) وتعديته من مُسَمّى إِلَى مَحل آخر حَاصِل استدلالهم أَنه ثَبت الْقيَاس بالدوران شرعا فَيثبت لُغَة، إِذْ الْمَعْنى الْمُوجب للثبوت فيهمَا وَاحِد، وَهُوَ الِاشْتِرَاك فِي معنى يظنّ مدَار الحكم (لِأَنَّهُ) أَي الْقيَاس فِي الشرعيات (سَمْعِي) ثَبت اعْتِبَاره بِالسَّمَاعِ من الشَّارِع (تعبد بِهِ) أَي تعبدنا الشَّارِع بِهِ لوُرُود الْقَاطِع مِنْهُ فِي حَقه، وَهُوَ الْإِجْمَاع إِذْ لَا عِبْرَة بِخِلَاف الظَّاهِرِيَّة فِيهِ (لَا) أَنه أَمر (عَقْلِي) ليَكُون للرأي مدْخل فِيهِ فَيرد نقضا على عدم اعتبارنا الْقيَاس فِي اللُّغَة، ثمَّ أيد سَنَد الْمَنْع الْمَذْكُور فِي ثَانِي شقي الترديد بقوله (ثمَّ تَجْوِيز كَون خُصُوصِيَّة الْمُسَمّى مُعْتَبرَة) فِي التَّسْمِيَة بِالِاسْمِ الْمَذْكُور (ثَابت) وَالْمرَاد بِثُبُوت التجويز أَنه لَيْسَ مُجَرّد احْتِمَال عَقْلِي بل هُوَ إِمْكَان وقوعي (بل) ثُبُوته (ظَاهر بِثُبُوت مَنعهم) أَي عُلَمَاء الْعَرَبيَّة، قَالَ أهل الْعَرَبيَّة فِي مَبْحَث الِاشْتِقَاق: الْمُشْتَقّ قد يطرد كاسم الْفَاعِل، وَالزَّمَان وَغَيرهمَا، وَقد لَا يطرد كالقارورة والدبران، وتحقيقه أَن وجود معنى الأَصْل فِي مَحل التَّسْمِيَة قد يعْتَبر بِحَيْثُ أَنه دَاخل فِي التَّسْمِيَة، وَالْمرَاد ذَات مَا بِاعْتِبَار نسبته لَهُ إِلَيْهَا، فَهَذَا يطرد فِي كل ذَات كَذَلِك، وَقد يعْتَبر بِحَيْثُ أَنه مصحح للتسمية مُرَجّح لَهَا من بَين الْأَسْمَاء من غير دُخُوله فِي التَّسْمِيَة، وَالْمرَاد ذَات مَخْصُوصَة فِيهَا الْمَعْنى: لَا من حَيْثُ هُوَ فِيهَا بل بِاعْتِبَار خصوصها، فَهَذَا لَا يطرد وَالْجَار مُتَعَلق بِثَابِت أَو بِظَاهِر (طرد الأدهم) مفعول الْمَنْع أَي صِحَة إِطْلَاق الأدهم الَّذِي هُوَ اسْم الْفرس الْأسود على كل مَا فِيهِ سَواد (والأبلق) الَّذِي هُوَ اسْم للْفرس الَّذِي فِيهِ سَواد وَبَيَاض على كل مَا فِيهِ ذَلِك (والقارورة) الَّتِي هِيَ اسْم لمقر الْمَائِعَات من الزّجاج على كل مَا هُوَ مقرّ لَهَا من غَيره (والأجدال) الَّذِي هُوَ اسْم للصقر لقُوته، على كل مَا فِيهِ قُوَّة (والأخيل) الَّذِي هُوَ اسْم لطائر بِهِ خيلان على كل مَا بِهِ ذَلِك (وَمَا لَا يُحْصى) من نَظَائِر هَذِه الْمَذْكُورَات، كالسماك الَّذِي هُوَ اسْم لكل من كوكبين مخصوصين مرتفعين، على كل مُرْتَفع، وَقرر هَذَا الْكَلَام مُعَارضَة، بَيَانه أَن الْقيَاس فِي اللُّغَة إِثْبَات لَهَا الْمُحْتَمل وَهُوَ بَاطِل، أما الأولى فَلِأَنَّهُ يحْتَمل التَّصْرِيح بِمَنْعه كَمَا يحْتَمل التَّصْرِيح بِاعْتِبَارِهِ بِدَلِيل مَنعهم اطراد الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة، وَأما الثَّانِيَة فَلِأَنَّهُ بِمُجَرَّد احْتِمَال الْوَضع لَا يَصح الحكم بِهِ فَإِن ذَلِك يسْتَلْزم جَوَاز الحكم بِالْوَضْعِ بِغَيْر قِيَاس، إِذا قَامَ احْتِمَال، وَذَلِكَ بَاطِل اتِّفَاقًا (فَظهر)

الصفحة 58