كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

بدون الدعوى، وفي الثالث يثبت بدونها، لكن ينفى بنفيه، فيرد حينئذ أن الأمة فيما نحن فيه قد صارت أم ولد بادعاء الأكبر، فأشار الجواب بقوله (ولا يلزم ثبوته) أي نسب غير الأكبر منه لما ذكرنا (لمقارنة النفي) أي نفي نسب غيره المفهوم من السكوت مع اقتضاء المقام عند السكوت لوجوب البيان عليه، خصوصا بعد بيان نسب الأكبر (الاعتراف بالأمومة) أي اعتراف المولى بكون الأمة أم ولد، وإنما قيد بثلاثة بطون، لأنها لو ولدتهم في بطن واحد بأن كان ما بين كل اثنين منهم ما دون ستة أشهر لكان اعترافه بأحدهم اعترافا بالباقي ضرورة.
(الثالث) من الأقسام الأربعة (اعتباره) أي اعتبار بيان الضرورة (لدفع التغرير) أي لضرورة دفع وقوع الناس في الغرور (كدلالة سكوته) أي المولى (عند رؤية عبده يبيع) له أو لغيره بإذنه بيعا صحيحا أو فاسدا، ويشتري ما لم تتعلق به الحاجة المعتادة كالخبز واللحم (عن النهي) متعلق بسكوته: أي نهي العبد ذلك (على الإذن) في التجارة متعلق بالدلالة، لعلمه بأن الناس إذا رأوا عبده يبيع وسكت عنه يستدلون بذلك على الإذن، فلا يمتنعون عن معاملته، ويفضي ذلك إلى ضررهم عند لحوق الدين بتأخر أدائه إلى وقت العتق، فالسكوت مع علمه بذلك دليل الإذن والتزام ما يترتب على ذلك التصرف، فإن المؤمن لا يرضى بضرر الناس من جهته، قال صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا"، ثم هذا مذهب علمائنا الثلاثة، وقال زفر والشافعي رحمهما الله لا يكون حجة لاحتمال أن يكون سكوته لفرط الغيظ وقلة المبالاة بناء على أنه محجور شرعا، والمحتمل لا يكون حجة. قلنا ترجح جانب الرضا، لأن المعروف نهيه إذا لم يرض (وسكوت الشفيع) أي وكدلالة سكوت الشفيع عن طلب الشفعة بعد علمه بالبيع على إسقاطها لضرورة دفع الغرور عن المشتري بتصرفه في الدار بهدم وبناء وزيادة ونقص بظن أنه لا غرض للشفيع فيها، والطلب فيها ثلاثة: طلب مواثبة بأن يطلبها كما علم بالبيع سواء كان عنده أحد أو لا من غير توقف عند أكثر المشايخ، وإلى آخر مجلس علمه عند غيرهم، وطلب تقرير بالإشهاد على البائع إن كانت في يده، أو على المشتري، أو عند العقار، وإظهار أنه طلبها قبل ذلك ويطلبها الآن، وقوله اشهدوا على ذلك، ومدته مقدرة بتمكنه منه، وطلب خصومة، وتملك بالمرافعة إلى القاضي وطلب القضاء، واتفقوا على أنه لا يبطل بمجرد السكوت، وقيل يبطل بالتأخير شهرا بلا عذر، وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يبطل أبدا وعليه الفتوى، فالمراد ههنا سكوته عن الأولين.
(الرابع) بيان الضرورة التي هي دلالة السكوت (الثابت ضرورة الطول) مفعول له للثبوت، لأن علة تحقق السكوت عن ذكر ما يدل عليه إنما هو ضروريته للاحتراز عن طول

الصفحة 85