كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

الكلام، فالفعل المعلل هو الثبوت وفاعله السكوت، والضرورة فعل قائم به فوجد شرط نصب المفعول له، وهو كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل (فيما تعورف) ظرف للثبوت يعني لا يثبت في كل مقام سكت فيه عن ذكر شيء مخافة الطول، بل فيما تعورف في عرف اللغة السكوت عند ضرورة الطول كالسكوت عن مميز عدد عطف عليه عدد مفسر كمائة وثلاثة أثواب، أو عطف عليه ما يدل على جنس يصلح تفسيرا للمعطوف عليه (كمائة ودرهم أو ودينار أو وقفيز) من بر مثلا: أي مائة درهم ودرهم، ومائة دينار ودينار، ومائة قفيز من بر وقفيز منه، فالسكوت عن مميز هذه عرفا يدل على أنه من جنس ما عطف عليها (بخلاف) مائة (وعبد) أو مائة (وثوب) فإنه تعورف السكوت عن مميز عدد عطف عليه الدرهم والدينار، وما كان مقدارا كالمكيل والموزون، وما تعورف في الأخيرين، وعلله التفتازاني بعد مشابهة العبد والثوب العدد الذي تعورف فيه خصوصا بعد قوله: له علي، فإن موجبه الثبوت في الذمة، ومثلهما لا يثبت في الذمة إلا في السلم للضرورة، ثم إن الشافعي رحمه الله يوافقنا في أن البيان قد يكون بالسكوت لضرورة الطول، ويخالفنا في بناء هذه المسائل عليه، لأن العطف مبناه على التغاير، ومبنى التفسير على الاتحاد، على أنه لو كان بيانا في مائة ودرهم لكان بيانا في مائة وعبد، وهو منتف بالاتفاق، وقد عرفت الفرق آنفا.
(واللفظية) أي الدلالة اللفظية أيضا أربعة أقسام (عبارة وإشارة ودلالة واقتضاء) وجه الضبط إما ثابتة بنفس اللفظ أو لا، والأولى إما مقصودة وهي العبارة أو لا، وهي الإشارة، والثانية إن فهم مدلولها لغة فهي الدلالة، وإلا فإن توقف عليه صدق اللفظ أو صحته فهو الاقتضاء، وإلا فهي من التمسكات الباطلة (وباعتباره) أي هذا التقسيم (ينقسم اللفظ إلى دال بالعبارة إلى آخره) أي ودال بالإشارة، ودال بالدلالة، ودال بالاقتضاء (فعبارة النص: أي اللفظ) فسر لئلا يتوهم أن المراد ما يقابل الظاهر كما سيشير إليه، ومعنى اللفظ المفهوم به المعنى حقيقة أو مجازا، والعبارة لغة تفسير الرؤيا، مأخوذ من العبر، جانب النهر، يقال عبرت النهر: أي قطعته إلى الجانب الآخر، كأن عابر الرؤيا بالحركة الفكرية يعبر من جانب إلى جانب، وسمي هذا النوع به لأنه يعبر ما في الضمير الذي هو مستور (دلالته) أي اللفظ (على المعنى) حال كونه (مقصودا أصليا) من ذكره (ولو) كان ذلك المعنى (لازما) لما وضع له، ولو بالمعنى الأعم (وهو) أي كون المعنى مقصودا أصليا من ذكر لفظه هو (المعتبر عندهم) أي الحنفية (في النص) المقابل للظاهر (أو) دلالته على المعنى حال كونه مقصودا (غير أصلي) من ذكره (وهو) كون المعنى مقصودا غير أصلي هو (المعتبر) عندهم (في الظاهر كما سيذكر)

الصفحة 86