كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

كل مِنْهُمَا فِي التَّقْسِيم الثَّانِي (ففهم إِبَاحَة النِّكَاح وَالْقصر على الْعدَد) أَي الْأَرْبَع عِنْد اجتماعهن فِي حق الْحر (من آيَة - {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} - (من الْعبارَة) لِأَنَّهُمَا مقصودان من اللَّفْظ، وَإِن كَانَ الأول غير أُصَلِّي كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَإِن كَانَت) أَي الْآيَة (ظَاهرا فِي الأول) أَي إِبَاحَة النِّكَاح، لِأَن الْمَقْصُود بالإفادة بالْكلَام أَصَالَة إِنَّمَا هُوَ بَيَان الْعدَد، والسياق لَهُ لَا لنَفس الْحل، لِأَنَّهُ عرف من غَيرهَا قبل نُزُولهَا، وَفِي الْعبارَة مُسَامَحَة، لِأَن الْفَهم الْمَذْكُور من مَدْلُول الْعبارَة، لَا مِنْهَا، وَيجوز أَن يكون من للابتداء لَا للتَّبْعِيض (وَكَذَا حُرْمَة الرِّبَا وَحل البيع والتفرقة) بَين البيع والربا بِالْحلِّ وَالْحُرْمَة من آيَة، {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} من عبارَة النَّص، وَإِن كَانَت ظَاهرا فِي الْأَوَّلين نصا فِي التَّفْرِقَة، لِأَن سياقها لإنكار تَسْوِيَة الْكفَّار بَينهمَا وَبَيَان الْفرق وَإِبْطَال قياسهم الْمَفْهُوم من قَوْلهم: إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا (والتفرقة لَازم مُتَأَخّر) لمسمى اللَّفْظ فَيصح جعله من الْعبارَة، وَبِخِلَاف الْمُتَقَدّم فَإِنَّهُ من الِاقْتِضَاء، وَذَلِكَ لِأَن الْمُتَأَخر كالمعلول، والمتقدم كالعلة، وَدلَالَة الْعلَّة على الْمَعْلُول مطردَة بِخِلَاف الْعَكْس كَمَا بَين فِي مَوْضِعه (وَلذَا) أَي وَلِأَن الْمَعْنى العباري يكون لَازم مَا وضع لَهُ (لم يُقيد بالوضعي) أَرَادَ بالوضعي هَهُنَا بِقَرِينَة الْمقَام مَا هُوَ عين الْمَوْضُوع لَهُ أَو جزؤه كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ، وَإِن كَانَ مَا سبق فِي تَعْرِيف الوضعية يعم اللَّازِم أَيْضا (و) قد (يُقَال) فِي تَعْرِيفهَا كَمَا قَالَ فَخر الْإِسْلَام وَمن تبعه (مَا سيق لَهُ الْكَلَام) قَالَ صَاحب الْكَشَّاف وَغَيره (وَالْمرَاد) مَا سيق لَهُ (سوقا أَصْلِيًّا أَو غير أُصَلِّي وَهُوَ) أَي غير الْأَصْلِيّ (مُجَرّد قصد الْمُتَكَلّم بِهِ) أَي بِاللَّفْظِ (لإِفَادَة مَعْنَاهُ) ليتوسل بِهِ إِلَى أَدَاء مَا هُوَ الْمَقْصُود بِالذَّاتِ من السِّيَاق (وَلذَا) أَي لكَون المُرَاد السُّوق الْأَعَمّ (عممنا الدّلَالَة للعبارة فِي الْآيَتَيْنِ) فِيهِ تَعْرِيض لصدر الشَّرِيعَة حَيْثُ جعل الدّلَالَة على التَّفْرِقَة بَين البيع والربا عبارَة لكَونهَا مَقْصُودَة بِالسوقِ، وعَلى الْحل وَالْحُرْمَة إِشَارَة لعدم كَونهمَا مقصودين، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن تَسْمِيَة مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ صَرِيحًا بِالْإِشَارَةِ لَا يَخْلُو عَن بعد (ودلالته) أَي اللَّفْظ (على مَا لم يقْصد بِهِ أصلا) لَا أَصَالَة وَلَا تبعا (إِشَارَة) كانتقال الْملك وَوُجُوب التَّسْلِيم فِي البيع وَحُرْمَة الِانْتِفَاع وَوُجُوب رد الزَّائِد فِي الرِّبَا (وَقد يتَأَمَّل) أَي الْمَعْنى الإشاري أَصله يتَأَمَّل فِيهِ حذف الْجَار، وأوصل الضَّمِير إِلَى الْفِعْل مستترا وَالْمعْنَى قد يَقع التَّأَمُّل فِي اسْتِخْرَاج الْمَعْنى الإشاري من اللَّفْظ، قَالَ صَاحب الْكَشَّاف: فَكَمَا أَن إِدْرَاك مَا لَيْسَ بمقصود بِالنَّصِّ مَعَ الْمَقْصُود بِهِ من قُوَّة الْأَبْصَار فهم مَا لَيْسَ بمقصود من الْكَلَام فِي ضمن الْمَقْصُود بِهِ من قُوَّة الذكاء، وَلِهَذَا يخْتَص بفهم الْإِشَارَة الْخَواص (كالاختصاص) أَي اخْتِصَاص الْوَلَد (بالوالد نسبا) أَي من حَيْثُ

الصفحة 87