كتاب سيرة ابن هشام ت السقا (اسم الجزء: 1)

(مَا أَصَابَ قَائِدَ الْفِيلِ وَسَائِسَهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَن عمْرَة [1] بنت عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بْنِ سَعْدِ [2] بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ قَائِدَ الْفِيلِ وَسَائِسَهُ بِمَكَّةَ أَعْمَيَيْنِ مُقْعَدَيْنِ يَسْتَطْعِمَانِ النَّاسَ.

مَا قِيلَ فِي صِفَةِ الْفِيلِ مِنْ الشِّعْرِ

(إعْظَامُ الْعَرَبِ قُرَيْشًا بَعْدَ حَادِثَةِ الْفِيلِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ الْحَبَشَةَ عَنْ مَكَّةَ، وَأَصَابَهُمْ بِمَا أَصَابَهُمْ بِهِ مِنْ النِّقْمَةِ، أَعْظَمَتْ الْعَرَبُ قُرَيْشًا، وَقَالُوا: هُمْ أَهْلُ اللَّهِ، قَاتَلَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَفَاهُمْ مَئُونَةَ عَدُوِّهِمْ. فَقَالُوا فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا يَذْكُرُونَ فِيهَا مَا صَنَعَ اللَّهُ بِالْحَبَشَةِ، وَمَا رَدَّ عَنْ قُرَيْشٍ مِنْ كَيْدِهِمْ.

(شِعْرُ ابْنِ الزِّبَعْرَى فِي وَقْعَةِ الْفِيلِ) :
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى بْنِ عَدِيِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ [3] بْنِ سَهْمِ ابْن عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ:
تَنَّكَّلُوا [4] عَنْ بَطْنِ مَكَّةَ إنَّهَا ... كَانَتْ قَدِيمًا لَا يُرَامُ حَرِيمُهَا
لَمْ تَخْلُقْ الشِّعْرَى لَيَالِيَ حُرِّمَتْ ... إذْ لَا عَزِيزَ مِنْ الْأَنَامِ يَرُومُهَا [5]
سَائِلْ أَمِيرَ الْجَيْشِ عَنْهَا مَا رَأَى ... وَلَسَوْفَ يُنْبِي الْجَاهِلِينَ عَلِيمُهَا
__________
[1] هِيَ عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة الْأَنْصَارِيَّة المدنية الفقيهة. كَانَت فِي حجر عَائِشَة فَحفِظت عَنْهَا الْكثير، وَقد رَوَت عَن غير عَائِشَة، وروى عَنْهَا حفيداها حَارِثَة وَمَالك ابْنا أَبى الرِّجَال وَغَيرهمَا.
وَكَانَت حجَّة. توفيت سنة 98 هـ، وَقيل سنة 106 عَن سبع وَسبعين سنة.
[2] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول، وتراجم رجال طبع أوربا. وَفِي أ، وَإِحْدَى الرِّوَايَات فِي الطَّبَرِيّ: «أسعد»
[3] فِي م، ر: «عدي بن سعيد بن سهم» ، وَفِي أ: «عدي بن سعد بن سعيد بن سهم» وَكِلَاهُمَا محرف عَمَّا أَثْبَتْنَاهُ (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[4] ويروى: «تنكبوا» . وعَلى الرِّوَايَتَيْنِ فَفِي الْبَيْت وقص.
[5] الشعرى: اسْم النَّجْم، وهما شعريان، إِحْدَاهمَا الغميصاء، وَهِي الَّتِي فِي ذِرَاع الْأسد، وَالْأُخْرَى الَّتِي تتبع الجوزاء، وَهِي أَضْوَأ من الضياء.

الصفحة 57