179 ...
رحلاته العلمية:
لقد كانت لشيخنا الفاضل رحلات شتى لأسباب علمية فقد كان محباً للعلم ولا يريح نفسه رغبة في التفقه في الدين فكانت لهذه الرحلات فوائد عظيمة ومزايا فريدة مما جعله يشد الرحال إلى أئمة العلم ويقطع الأميال للوصول إليهم فارتحل إلى الشام ثم مصر وأمضى هناك ستة أشهر وكان متواضعاً يخرج في شوارع البلاد يحمل حقيبته وأقلامه ويرتدي طربوشاً صغيراً على رأسه ويرتاد حلقات العلماء يأخذ عنهم ثم خرج من مصر فدخل المغرب ومنها إلى طرابلس ومنها إلى تونس حيث مسقط رأسه التي تركها صغيراً وعاد إليها عالماً واعياً إلى العلم ثم توجه إلى الجزائر ومنها إلى فاس ومراكش ودخل اليمن وحضرموت وكان الشيخ لا يدخل بلداً إلا وبحث عن علمائها وأفاضلها يستفيد منهم فأصبح له أصدقاء وطلاب كثيرون في البلاد الإسلامية. وكان رحمه الله محباً للسنة النبوية الشريفة ويقدمها على أي قول مع الاعتراف للأئمة الأعلام بالفضل والتأدب وأحياناً يترك مذهب الإمام مالك ويتبع الشافعي أو أحمد بن حنبل أو أبي حنيفة رضي الله تعالى عنهم، وله مواقف كثيرة في كثير من المسائل العلمية وكان الرجل الراجح للحق وهو أحب إليه من الناس أجمعين فإذا تبين له الخطأ في مسألة كان يتبناها رجع عنها ودعا إلى الحق بدلائله ودافع عنه.
صوته الجهوري:
وعرف الشيخ عمر حمدان بصوته الجهوري حتى أنه يصل صوته من مجلسه في باب العمرة إلى الجالس في باب السلام الكبير بمكة المكرمة. ومن الطرائف أنه أثناء رحلاته لمصر اختلف مع الشيخ أحمد الغماري رحمه الله في مسألة ما وكان في شوارع القاهرة فيقول الشيخ الغماري (1) كثر جدالنا وأنا أحتج عليه وأقيم له على صحة دعواي وارتفعت أصواتنا وكان جهوري الصوت ووقفنا بالطريق فلم نشعر إلا والناس من حولنا دائرون للفرجة. ...
__________
(1) انظر تشنيف الأسماع ص 430