كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 1)

220 ...
وأراد المشاغبون أن يمثلوا دور مرمحين مع عثمان فريد فأبرق إلى السلطان فبعث هيئة للتحقيق والمحاكمة وأرسل خمسة وعشرين جندي فلما حضرت المحاكمة والتحقيق من قبل الهيئة فأدانت أربعين رجلاً من المدينة من أعيانها وعلمائها وكان من بينهم الشيخ يحيى دفتردار وأدانت أربعين ضابطاً من ضباط الأتراك فأمر السلطان عبد الحميد بإبعادهم إلى الطائف مصفدين بالحديد وأخرجوهم من المدينة على حالة سيئة فظيعة وسار بهم الجند المحافظون إلى جدة فقابلهم أهل جدة بالحفاوة والإكرام وقدموا لهم مساعدات مالية وغيرها ورجوا والي مكة أن يفك عنهم أغلالهم فقبل رجاءهم ورجاه الشريف عون الرفيق الذي استاء لهذا الحادث ثم ذهبوا بهم إلى الطائف وسجنوهم في قلعتها وكانت تسمى "قلعة مدى" وأخذ الشريف عون الرفيق يتشفع لهم عند السلطان فلم يقبل شفاعته فيهم لأنه قد أخذ عنهم فكرة سيئة وهي أنهم يريدون إسقاط الخلافة العثمانية وإسنادها للعرب ولكل ذلك بسبب ما قاله عثمان فريد املأ صدر السلطان وتوفي الشريف عون ولا يزال هؤلاء المدنيون في سجنهم الذي مكثوا فيه ثمانية عشر شهراً.
ولما أراد الله لهم الخلاص هيأ لهم رجلاً من ثوار الأرمن وضع قنبلة كبيرة بباب مسجد السلطان في السراي وأثناء خروجه من صلاة الجمعة فانطلقت القنبلة وقتلت خلقاً من المصلين تطايرت جثثهم وتناثرت أشلائهم وكان من بين المصابين رجل من المدينة اسمه "نجيب حماد" أصيب بشظية صغيرة في كتفه وقتل سائق عربة السلطان ونجا السلطان عبد الحميد بأعجوبة وأبدى شجاعة فائقة حيث ساق عربته بنفسه وذهب إلى السراي مصطحباً معه شيخ الإسلام ولما استقر بهم الجلوس في بهو الاستقبال عرض شيخ الإسلام على الخليفة أن يقدم شكراً لله على نجاته فكان هذا الشكر هو إطلاق سراح أهل المدينة المسجونين في قلعة الطائف وردهم إلى بلادهم بالمنح وأمر بأن تصرف لهم جميع مرتباتهم ومخصصاتهم التي كانت حجزت عنهم وعن أسرهم مدة سجنهم وعادوا إلى المدينة مكرمين وقوبلوا فيها بالحفاوة والترحيب وكان ذلك عام 1327هـ تقريباً. ...

الصفحة 220