كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 1)

98 ...
متوجهاً إلى الحجاز من أجل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكانت الرحلات ذلك الوقت شاقة، فعانى الكثير ونال من المشقة ما نال إلى أن أكرمه الله بالوصول إلى مكة المكرمة البلد الأمين فأدى مناسك الحج وتوجه إلى المدينة المنورة ليزور الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم على صاحبيه حاملاً معه كل أدوات العلم والمعرفة وليزيد علمه ممن عاصرهم من أجلاء العلم والفقهاء والأدباء فتألقت معه القلوب واتسع نطاق معارفه بين الناس وبدأ يشتهر بعلمه بين أهل المدينة المنورة وعلمائها وطلاب العلم فيها.
دروسه في المسجد النبوي الشريف
ولم تمض فترة طويلة حتى أضيف اسم الشيخ حميدة إلى قائمة علماء المسجد النبوي الشريف فتصدر الشيخ رحمه الله للتدريس فجعل المسجد مأواه طوال يومه وبعض ليله يدرس العلوم الدينية والعربية فتعرف عليه طلاب العلم والتفوا حوله وآثروه على غيره لما لمسوا لديه من علم غزير وبيان منير وأفاد وانتفع به الكثير وكان يقضي طوال يومه في التدريس والعبادة وله ثلاث حلقات يومية يصلي الفجر ويلتف الطلاب من حوله فيعقد حلقته الأولى ويدرس بها الفقه فإذا ختم الدرس أخذ يدرس النحو الأجرومية مرة والألفية مرة وغيرهما.
وبعد صلاة العصر يلتف الطلاب من حوله وتمتلئ حلقته بطلاب العلم وكان وقتاً مناسباً حيث يسود الهدوء المسجد النبوي الشريف فلا يوجد به إلا طلبة العلم وقليل من الصالحين وكان يدرس فيها كتب القواعد.
أما عن حلقته الثالثة وهي بعد صلاة المغرب وكانت أكبر حلقات الشيخ يحضرها طلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية وفي هذا الوقت كانت ساحات المسجد النبوي كخلية النحل لا تجد موقعاً في المسجد إلا وهناك شيخ ومن حوله طلابه لأن المسجد النبوي كان وما زال المدرسة الأولى أو الجامعة الإسلامية الكبرى إن صح هذا التعبير.

الصفحة 98