كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 1)

99 ...
وحينما قامت الحرب العالمية الأولى والحرب العثمانية المعروفة في عهد فخري باشا (1) بدأ الناس يرحلون إلى الدول المجاورة فكان الشيخ حميدة أحد الذين رحلوا إلى الشام مكرماً معززاً مع عدد من طلبته وأهله وهناك التقى بعلماء الشام وبدأ يشتهر بين أهلها وأصبحت له حلقة كبيرة هناك وطلاب كثيرون رغم أن الفترة لم تكن طويلة والتقى الشيخ بالعالم الجليل شيخ أئمة المسجد النبوي الشريف يحيى دفتردار رحمه الله وكانت بينهما صلة حميمة. وعندما استقرت الأوضاع في الحجاز وانتشر الأمن والأمان عاد أهل المدينة الذين رحلوا عنها وهو من جملة العوائل التي عادت وبدأ يمارس التدريس ثانية في المسجد الشريف كعادته وعادت حلقات العلم الخاصة بالشيخ حميدة إلى سابق عهدها ثلاث حلقات يومياً كما ذكرت آنفاً. وكان الطلاب يفدون على بيته ليسألوه في مسائل شتى فيستقبلهم بصدر رحب ويحنو عليهم حنو الأب على أبنائه ويقدم الطالب النبيه منهم ويأخذ بيده ليحتل المقام الأول بين العلماء ويصبح عالماً كبيراً فرحمة الله عليه كان لا يقصر في إعطاء العلم وهو مثالاً للعلماء الأعلام.
الشيخ حميدة قاضياً
وعندما حل العهد السعودي الزاهر في عصر المؤسس الأول المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه عين الشيخ حميدة قاضياً في المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة مع الشيخ إبراهيم بري رحمه الله تعالى ولكنه لم يستمر في سلك القضاء طويلاً فقدم استقالته وقبلت وذلك ليتفرغ للتدريس ونشر العلم، لأن الشيخ كان من العلماء الذين يفضلون نشر العلم بين الناس ولا يريد أن يشغله شاغل عن ذلك.
حميدة الطيب الشاعر
يعد الشيخ حميدة إلى جانب علمه الديني رائداً من رواد الأدب فقد كان رحمه الله يحفظ كثيراً من الشعر في كثير من العصور الأدبية، وكانت له الملكة في ...
__________
(1) انظر ما كتبناه عن الحرب والحصار في حلقة الشيخ عمر حمدان.

الصفحة 99