كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 1)

قلت: وكذا قال النسائى، وقال القطان: يشبه لا شيء، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه، وتكلم فيه آخرون، وحديثه يدل على ذلك فإنه منكر للغاية، بل باطل لمخالفته ظاهر القرآن والأمر المقطوع به إذا حمل على ظاهره، فإن قوله: "فيسحبانهما إلى أرض المحشر" ظاهر في أن ذلك دون موت، وقد قامت الأدلة القواطع على أنه لابد من الموت لكل مخلوق، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وكذلك قوله: "فيقول أحدهما: إن الناس في المسجد. . . إلخ" فإن النصوص متكاثرة قاطعة في أن القرآن سيرفع قبل قيام الساعة، وأن اللَّه سيبعث ريحا حمراء تقبض روح كل مؤمن، فلا يبقى على وجه الأرض إلا الكفار وعليهم تقوم الساعة، وهم شرار الخلق كما في الأخبار الأخرى، ولا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت ولا يعبد اللَّه في الأرض مائة عام، فكيف يظن هذان الراعيان أن الناس بالمسجد وهم كفار كالأنعام لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما ولا ينكرون منكرا؟!، فهذا مما يدل على بطلان هذا الخبر واللَّه أعلم.
ثم إن المناوى اعترض في شرحه الكبير على المصنف في رمزه لحديث الباب بالحسن وهو صحيح، لأنه قطعة من حديث الصحيحين، وهو اعتراض وجيه لا عن جهة كونه مخرجا في الصحيحين إذ قد يعزب ذلك عن المصنف ولا بطلع عليه ساعة كتابة الحديث، لاسيما وقد استدركه الحاكم وهو لا يستدرك إلا ما لم يخرج فيهما، وإن كان الواقع أنه يحصل له الوهم في كثير من الأحاديث يستدركها وهى فيهما أو في أحدهما كهذا الحديث، إلا أن ذلك يغر الواقف عليه إذا لم يبحث عن ذلك، ولكن الانتقاد موجه للمصنف من جهة كون سند الحديث عند الحاكم صحيحا لاسيما وقد حكم هو بصحته على شرط الشيخين وأقره الذهبى، فلعل الرمز إلى حسنه لم يصح عن المصنف،

الصفحة 12