كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 1)

بمعناه في عدة مواضع كالتوحيد والقدر، ومسلم وأبو داود في النكاح، والنسائى في العتق عن أبي سعيد قال: "سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العزل فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهى كائنة"، والقانون أنه إذا كان في الصحيحين أو أحدهما ما يفى بمعنى حديث، فالسكوت عنه والاقتصار على عزوه لغيره غير لائق لإيهامه.
قلت: من عرف اصطلاح المصنف في كتابه هذا وصنيعه الذي وضعه عليه، وتأمل قول الشارح: إن البخارى خرجه (¬1) بمعناه من حديث أبي سعيد بلفظ: "ما عليكم ألا تعزلوا"، علم أن هذا من الشارح كلام يشبه الهذيان، فإن المصنف يورد الحديث المشهور المتواتر المخرج في الكتب الستة، بل وأغلب كتب السنة، ثم يعزوه لأغرب كتاب من أجل كونه رواه بلفظ يدخل في حرف لا يدخل فيه اللفظ المخرج في الكتب المشهورة، ثم يعيده في ذلك الحرف أيضًا ويعزوه لهم، لأن ترتيب الحروف مع مراعاة الحرف الأول والذي يليه يوجب عليه ذلك، لاسيما وهذا من رواية صحابى، والمخرج في الصحيحين من رواية صحابى آخر، وإن كان الحديث هو عينه حديث أبي سعيد الخدرى، وإنما السياق مختلف، بل قال ابن منده: إن رواية عبد الحميد بن سليمان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن صرمة العذرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم، والصواب ما رواه يحيى بن أيوب عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدرى فحدثنا بالحديث.
وهذا هو الحق -إن شاء اللَّه تعالى- لبعد تعدد القصة لاسيما وعبد الحميد ابن سليمان راوى حديث أبي صرمة ضعيف، فرفعه عنه ونسبته الصحبة
¬__________
(¬1) انظر صحيح البخارى (3/ 194، رقم 2542).

الصفحة 629