كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 1)
{وماذا عَلَيْهِم لَو آمنُوا بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وأنفقوا مِمَّا رزقهم الله وَكَانَ الله بهم عليما (39) إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما (40) فَكيف} بخيل فِي الْعَالم، وَقيل أَرَادَ بِهِ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى بخلوا بنعت مُحَمَّد، وَأمرُوا سفلتهم بذلك، {ويكتمون مَا آتَاهُم الله من فَضله اعتدنا} أَي: أعددنا {للْكَافِرِينَ عذَابا مهينا} .
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم رئاء النَّاس وَلَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَقَالَ غَيره: هم المُنَافِقُونَ.
{وَمن يكن الشَّيْطَان لَهُ قرينا فسَاء قرينا} أَي: فبئس القرين، قَالَ الشَّاعِر:
(عَن الْمَرْء لَا تسْأَل وبصر قرينه ... فَكل قرين بالمقارن يَقْتَدِي)
قَوْله تَعَالَى: {وماذا عَلَيْهِم} أَي: وَأي شئ عَلَيْهِم {لَو آمنُوا بِاللَّه} وَهُوَ مثل مَا يُحَاسب الرجل نَفسه، فَينْظر فِيمَا لَهُ، وَفِيمَا عَلَيْهِ؛ يَقُول الله تَعَالَى أَي: شئ عَلَيْهِم لَو آمنُوا بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر {وأنفقوا مِمَّا رزقهم الله وَكَانَ الله بهم عليما} .
قَوْله - تَعَالَى -: {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} قَرَأَ ابْن مَسْعُود: " مِثْقَال نملة " والذرة: هِيَ النملة الْحَمْرَاء، {وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا} وَقُرِئَ: " يضعفها " وهما فِي الْمَعْنى سَوَاء. {وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} .
قَوْله تَعَالَى: {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} مَعْنَاهُ: فَكيف الْحَال إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد؟ وَأَرَادَ بالشهيد من كل أمة نبيها، وشهيد هَذِه الْأمة: نَبينَا.
وأختلفوا على أَن شَهَادَتهم على مَاذَا؟ مِنْهُم من قَالَ: يشْهدُونَ على تَبْلِيغ الرسَالَة، وَمِنْهُم من قَالَ: يشْهدُونَ على الْأمة بِالْأَعْمَالِ.
الصفحة 428