كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 1)

{من قبلكُمْ وَإِيَّاكُم أَن اتَّقوا الله وَإِن تكفرُوا فَإِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَكَانَ الله غَنِيا حميدا (131) وَللَّه مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَكفى بِاللَّه وَكيلا (132) إِن يَشَأْ يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين وَكَانَ الله على ذَلِك قَدِيرًا (133) من كَانَ يُرِيد ثَوَاب}
وَأما الثَّانِي: يَقُول: فَإِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض، وَكَانَ الله غَنِيا حميدا؛ فَاطْلُبُوا مِنْهُ مَا تطلبون.
وَأما الثَّالِث يَقُول: وَللَّه مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَكفى بِاللَّه وَكيلا، أَي: اتخذوه وَكيلا وَلَا تتكلوا على غَيره.
قَوْله تَعَالَى: {إِن يَشَاء يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين} روى: " أَن النَّبِي كَانَ يضْرب بِيَدِهِ كتف سلمَان، وَيقْرَأ: {وَيَأْتِ بِآخَرين} وَيَقُول: سلمَان وَأَصْحَابه " {وَكَانَ الله على ذَلِك قَدِيرًا} .
قَوْله تَعَالَى: {من كَانَ يُرِيد ثَوَاب الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله ثَوَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} أَرَادَ بِهِ: الْكفَّار؛ فَإِنَّهُم يعْملُونَ ابْتِغَاء ثَوَاب الدُّنْيَا، وطلبا لنعيمها، وَلَا يطْلبُونَ ثَوَاب الْآخِرَة، وَلَا يُؤمنُونَ بهَا؛ فَقَالَ الله تَعَالَى: {من كَانَ يُرِيد ثَوَاب الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله ثَوَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَكَانَ الله سميعا بَصيرًا} .
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ} القوام: مُبَالغَة من الْقَائِم، والقسط: الْعدْل، وَمَعْنَاهُ: كونُوا قائلين بِالْعَدْلِ {شُهَدَاء لله} لأَنهم إِذا شهدُوا بِالْحَقِّ وَقَامُوا بِالْعَدْلِ، كَانُوا شُهَدَاء لله {وَلَو على أَنفسكُم} فَإِن قيل: كَيفَ يشْهد على نَفسه؟ قيل: شَهَادَته على نَفسه: هُوَ الْإِقْرَار، وَهُوَ معنى مَا روى عَن ابْن عَبَّاس: " قُولُوا الْحق وَلَو على أَنفسكُم ".
{أَو الْوَالِدين والأقربين} أَي: قُولُوا الْحق، وَلَو على الْوَالِدين والأقربين، قيل: نزلت الْآيَة فِي رجل كَانَت عِنْده شَهَادَة على أَبِيه، فهم أَن يمْتَنع عَنْهَا؛ فَنزل قَوْله:

الصفحة 488