كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 1)

( {135) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَالْكتاب الَّذِي نزل على رَسُوله وَالْكتاب الَّذِي أنزل من قبل وَمن يكفر بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر فقد ضل ضلالا بَعيدا (136) إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لَهُم} فِي الْأُخْرَى تَخْفِيفًا، وَالْمعْنَى مَا بَينا، وَالثَّانِي: أَنه من الْولَايَة، يَعْنِي: وَإِن تلوا الْقيام بأَدَاء الشَّهَادَة {أَو تعرضوا} فتتركوا أَدَاء الشَّهَادَة {فَإِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} .
قَول تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله} أَكثر الْمُفَسّرين عَليّ أَنه فِي الْمُؤمنِينَ، وَمَعْنَاهُ: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا، أَي اثبتوا على الْإِيمَان، كَمَا يُقَال: قف حَتَّى أرجع إِلَيْك للرجل الْوَاقِف أَي: أثبت وَاقِفًا.
وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ خطاب لِلْمُنَافِقين، وَمَعْنَاهُ: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا بِاللِّسَانِ آمنُوا بِالْقَلْبِ، وَقَالَ الضَّحَّاك وَهُوَ رِوَايَة الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس: هُوَ خطاب لأهل الْكتاب، وَمَعْنَاهُ: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا بمُوسَى وَعِيسَى آمنُوا بِمُحَمد {وَالْكتاب الَّذِي نزل على رَسُوله} يَعْنِي: الْقُرْآن {وَالْكتاب الَّذِي أنزل من قبل} يَعْنِي: الْكتب الْمنزلَة من قبل الْقُرْآن.
{وَمن يكفر بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر فقد ضل ضلالا بَعيدا} أَي: بَعيدا عَن الْحق.
قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ ازدادوا كفرا} قَالَ قَتَادَة: هَذَا فِي الْيَهُود، آمنُوا بمُوسَى، ثمَّ كفرُوا بِهِ بِعبَادة الْعجل، ثمَّ آمنُوا بمُوسَى بِالتَّوْبَةِ، ثمَّ كفرُوا بِعِيسَى، ثمَّ ازدادوا كفرُوا بِمُحَمد، وَقيل: هُوَ فِي جَمِيع أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى؛ آمنُوا بِنَبِيِّهِمْ، ثمَّ كفرُوا بِهِ، وآمنوا بِكِتَابِهِمْ، ثمَّ كفرُوا بِهِ ثمَّ ازدادوا كفرا بِمُحَمد. وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ فِي قوم مرتدين آمنُوا، ثمَّ ارْتَدُّوا، ثمَّ آمنُوا ثمَّ ارْتَدُّوا.
وَمثل هَذَا هَل تقبل تَوْبَته؟
قَالَ عَليّ: لَا تقبل تَوْبَته؛ فَإِنَّهُ إِذا آمن، ثمَّ كفر، ثمَّ آمن، ثمَّ كفر، فَلَو أَرَادَ أَن يُؤمن

الصفحة 490