كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 1)

{الرَّسُول بِالْحَقِّ من ربكُم فآمنوا خيرا لكم وَإِن تكفرُوا فَإِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَكَانَ الله عليما حكيما (170) يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ فآمنوا}
{وَلَا ليهديهم طَرِيقا} يعْنى: الْإِسْلَام
{إِلَّا طَرِيق جَهَنَّم} يعْنى: الْيَهُودِيَّة {خَالِدين فِيهَا أبدا وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} .
قَوْله - تَعَالَى -: {يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم الرَّسُول بِالْحَقِّ من ربكُم فآمنوا خيرا لكم} تَقْدِيره: يكن الْإِيمَان خيرا لكم {وَإِن تكفرُوا فَإِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَكَانَ الله عليما حكيما} .
قَوْله - تَعَالَى -: {يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ} الغلو: مُجَاوزَة الْحَد، وَالْآيَة فِي النَّصَارَى، قَالَ الْحسن: يجوز أَن تكون فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّهُم غلوا فِي أَمر عِيسَى، أما الْيَهُود بالتقصير فِي حَقه، وَأما النَّصَارَى بمجاوزة الْحَد فِيهِ.
الغلو غير مَحْمُود فِي الدّين، روى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إيَّاكُمْ والغلو فِي الدّين؛ فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالغلو ".
{وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته} وَقد بَينا أَقْوَال الْعلمَاء فِي كَونه " كلمة " وَجُمْلَته ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا: أَنه بكلمته، وَهِي قَوْله: كن، فَكَانَ، وَالثَّانِي: أَنه يَهْتَدِي بِهِ، كَمَا يَهْتَدِي بِكَلِمَة الله، الثَّالِث: كَلمته: بشارته الَّتِي بشر بهَا فِي الْكتب " يكون عِيسَى " فَهَذَا معنى قَوْله: ( {وكلمته} أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ) وَفِي تَسْمِيَته " روحا " ثَلَاثَة أقاويل:

الصفحة 505