كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 1)

20 - أَتَيتَ المروءةَ من بابِها
وقولُه: {يأتينَ الفاحِشةَ} [النساء: 15]. أي يتلبَّسون بها. فاستعمالُ الإتيانِ هنا كاستعمالِ المجيءِ في قولهِ: {لقد جئتِ شَيئًا فَرِيًّا} [مريم: 27]. ويُكنى بالإِتيانِ عن الوطْءِ. ومنه: أتَى امرأته. وقولُه: {أتأتُون الذُّكْرَانَ} [الشعراء: 165] {أئِنَّكُم لتأتونَ الرِّجالَ} [النمل: 55]. من ذلك، وهو من أحسنِ الكنايات.
ويقالُ: «أتَيتُه وأَتَوْتُه. ومنه يقالُ للسِّقاء إذا مُخِضَ وجاءَ زُبْدُه: قد جاءَ أَتْوُهُ.
وحقيقتُه: جاءَ ما مِن شأنِه أن يأتيَ منهُ، فهو مصدرُ معنى». قالوا: «وكلُّ موضعٍ ذُكرَ في وصفِ الكتاب «آتَينا» فهو أبلغُ من كلِّ موضعٍ ذُكير في وصفهِ «أوتوا»، لأنَّ «أُوتوا» قد يقالُ في مَن أُوتيَ، وإِن لم يكن معَه قَبولٌ. و «آتَينا» يقالُ في مَن كانَ معَه قبول».
وقولُه: {فلنأتيَّنهُم بجنُود} [النمل: 37]: فلنجيئنَّهم. وقولُه: {كانَ وَعْدُهُ مأتيًّا} [مريم: 61] بمعنى آتٍ كَسيلٍ مُفعَمٍ بمعنى مُفعِم، وحجابًا ساترًا. والثاني أنه على بابهِ، لأنه يقالُ: أتاني الأمرُ وأتَيتُه. فهذا من قولهم: أتيتُ الأمرَ، قالَه الراغبُ. وقال الهرويُّ: يقال: أتاني خبرُه وأتيتُ خَبرَه.
وقولُه: {يؤتونَ ما آتَوْا} [المؤمنون: 60] أي يتصدَّقون بأيِّ صدقةٍ قليلةً

الصفحة 56