كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 1)

سريج: "لا يقبل (¬1)، ولفظ الحوالة صريح في معناها، وقد وجدوا نفاذًا في موضعها؛ لأن الدين على المحيل، وله على المحال عليه نظيره". وقال المزني وساعده أكثر الأصحاب: "يقبل؛ لأنه أعرف بنيته" (¬2). وهذا مشكل؛ لأن مثله يرد في كل صريح ادعى مُطلِقُةُ خِلافَ ظاهره. والله أعلم.
الثانية: إِذا باع المشتري المبيع من البائع، بعد قبضه ولزوم العقد، ونويا جميعًا الإقالة (¬3)، فلا كلام إِن قلنا: الإِقالةُ بيعٌ.
وإن قلنا: هي فسخ. ففيه قولان؛ أحدهما: أنه إِقالة. والثاني: إِنه بيع. وفي القول بأنه إِقالة الإِشكال المتقدم (¬4).
¬__________
(¬1) قول ابن سريج هذا يؤيده النص المتقدم، ويؤيده ما ورد في روضة الطالبين (4/ 236).
ولكن يخالفه قول ابن سريج الوارد في كتاب الودائع له، ونص ما فيه: - "ولو أحال رجلٌ على رجل بمائة درهم، وضمنها له، ثم اختلفا، فقال المحيل: أنت وكيلي فيها. وقال المحتال: بل أحلتني بما لي عليك. وتصادقا على الحوالة والضمان؛ فالقول قول المحيل، والمحتال مُدِّعٍ". الودائع لمنصوص الشرائع: ورقة (75/ أ).
(¬2) ليس هذا نص كلام المزني، ولكن نصه هو: - " ... فالقول قول المحيل، والمحتال مدع" مختصر المزني (107).
(¬3) بين النووى معنى الإقالة بقوله: - "وهي أن يقول المتبايعان: تقايلنا وتفاسخنا، أو يقول أحدهما: أقلتك فيقول الآخر قبلت، وما أشبهه" روضة الطالبين (3/ 493).
(¬4) الإِشكال المتقدم هو ما ذكره المؤلف بقوله: - "وقال المزني وساعده أكثر الأصحاب: يقبل، لأنه أعرف بنيته، وهذا مشكل لأن مثله يرد في كل صريح ادعى مطلقه خلاف ظاهره".
ووجه الإِشكال هنا: هو أنه قد جُعِلَ البيعُ كنايةً في الإقالة، مع أن البيع صريح في بابه وقد وجد نفاذًا في موضوعه، وهذا مخالف لما تقدم من أنه: إِذا كان اللفظ صريحًا في بابه، ووجد نفاذًا في موضوعه، فلا يكون كناية في غيره.

الصفحة 399