كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 1)

مع كثرتها، فاطرد العرف فيه (¬1). بخلاف اسم البيت: فإِنهم لا يستعملونه في المتخذ من الجلد والشعر وغيرهما، (¬2) ولا يفهمون ذلك عند الاستعمال؛ لفقدها وقلتها، فلم يتحقق عرف على خلاف اللغة" (¬3).
ثم قال: (¬4) "وفيهما ما يُبَين أن الشافعي تتبع قضية (¬5) اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها وهو الأصل. والعرف إِذا استمر واطرد أخرى". والله أعلم.
واعترض على قول الرافعي: "عند ظهورها وشمولها": بأنه اِن أراد به الظهور في العرف، فيكون التقدير: أنه إِذا اتفق الاصطلاحان العرفى واللغوى فيعمل به. وما عدا ذلك (¬6) فهو موضع الإِشكال الذي أورده أبو زيد.
ويجاب عنه: بأن المراد بالظهور عدم الاضطراب (¬7).
¬__________
(¬1) أي في عدم إطلاق اسم البيض على بيض السمك، وعدم إِطلاق اسم الرؤوس المشوية على رؤوس السمك والطير.
(¬2) ورد بدل الواو في المخطوطة (إِذ). وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في فتح العزيز والمجموع المذهب.
(¬3) هنا نهاية كلام الرافعي.
والظاهر أن معنى قوله: - "فلم يتحقق عرف على خلاف اللغة" هو: أن اسم البيت في اللغة: يطلق على المبني من الطين ونحوه وعلى المتخذ من الشعر ونحوه، وأما عدم استعمال أهل القرى اسم البيت في المتخذ من الشعر ونحوه فمرجعه فقد بيوت الشعر في بعض القرى وقلتها في البعض الآخر، فلا يعتبر ذلك عرفًا، ومن ثم لم يثبت عرف على خلاف اللغة.
(¬4) أي الرافعي. ولم أتمكن من العثور على هذا القول في فتح العزيز، وقد ذكره النووى في الروضة (11/ 81).
(¬5) معنى (قضية) هنا: مقتضى.
(¬6) أي ما عدا الظهور في العرف، كان يكون الوضع اللغوى ظاهرًا عند أهل اللغة وحدهم.
(¬7) أي عدم الاختلال في اللغة، والاختلال يكون بمخالفة العرف الثابت لها. فيكون معنى كلام الرافعي: أنه تُتَّبَعُ اللغة عند عدم مخالفة العرف الثابت لها، فإِن خالفها عرف ثابت عمل به.

الصفحة 431