كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 1)

إِحداهما: "إِذا أكل الزوجان تمرًا أو نحوه، ثم قال بعد خلط النوى: إن لم تميزي (¬1) نوى ما أكلت عن نوى ما أكلت فأنت طالق. قال الأصحاب: تتخلص عن (¬2) الحنث بأن تبددها بحيث لا يلتقي منها اثنان؛ لأنها ميزت. نعم: إِن أراد التمييز الذي يحصل به التعيين لم يحصل الخلاص به. قال الإِمام: هذا اللفظ عند الإِطلاق يتبادر منه التعيين، فكان ينبغي أن يحمل اللفظ عليه، فإِن أراد مقتضى الوضع في اللغة فيبقى تردد في أنه يزال ظاهر الإطلاق، والأشبه أنه لا يزال" (¬3).
الثانية: (¬4) "إِن لم تخبريني بعدد ما في هذا البيت من الجوز فأنت طالق. قالوا: يحصل الخلاص بأن تبتدئ من عدد تستيقن أن الجوز الذي في البيت لا ينقص عنه، وتذكر الأعداد بعد ذلك على الولاء، إِلى أن تنتهي إلى عدد تتيقن أنه لا يزيد عليه، فتكون مخبرة بذلك أو ذاكرة له، وهذا إِذا لم يقصد التعيين، وإلا فلا يحصل البر (¬5) كما في الأولى" (¬6).
¬__________
(¬1) بيّن الجوهرى معنى التمييز بقوله: - "مِزْتُ الشيء أميزه ميزًا: عزلته وفرزته، وكذلك مَيَّزته تمييزًا" الصحاح (3/ 897).
وبين الرافعي معناه الوضعي والعرفي بقوله: - "حقيقته بالوضع: الفصل والتفريق، والمفهوم منه في العرف الغالب: التعيين والتعريف". فتح العزيز، جـ 16: ورقة (60/ ب).
(¬2) حرف (من) هو المناسب لفعل تتخلص، وهو الوارد في فتح العزيز.
(¬3) المسألة المتقدمة منقولة من فتح العزيز مع تصرف يسير، وانظر نصها في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (59/ أ).
وفيه عن الإمام ما نصه: - "فيبقى تردد في أنه هل يزال ظاهر الإطلاق؟ والأشبه أنه يزال".
(¬4) كان من المناسب أن يصدّر هذه المسألة بقوله: - "لو قال الزوج". وكذلك فعل الرافعي.
(¬5) البر: هو الوفاء بمقتضى اليمين. والحنث: هو مخالفة مقتضى اليمين.
(¬6) المسألة المتقدمة منقولة من فتح العزيز مع تصرف يسير، وانظر نصها في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (59/ ب).

الصفحة 433