كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 1)

وكذا: الإيقاعات كالطلاق والعتاق فهي مما تصرف فيه الشارع بنقلها من معنى الخبر إِلى الإنشاء.
وإذا كان كذلك: فالمذهب المشهور: أن الإقرار (¬1) لا يقوم مقام الإنشاء؛ لأنه خبر محض، يدخله الصدق، والكذب، ولا يدخلان الإنشاء. نعم: يؤاخذ ظاهرًا فيما (¬2) أقر به، ولا يقبل منه دعوى الكذب في ذلك. وفي وجه: أنه إِذا أقر بالطلاق صار إِنشاء، حتى تحرم عليه (¬3) باطنًا (¬4). قال الإمام: "وهو منكر، فإِن الإقرار والإنشاء متنافيان، فذاك إِخبار عن ماض، وهذا إِحداث في الحال، وذاك يدخله الصدق والكذب، وهذا بخلافه" (¬5). ولهذه نظائر:
منها: إِذا اختلفا في الرجعة (¬6)، والعدة قائمة، فالقول قوله على الصحيح، وعلى هذا أطلق جماعة منهم البغوي: أن إِقراره ودعواه يجعل الإقرار إِنشاء (¬7). وحكاه (¬8)
¬__________
(¬1) يعني: بالطلاق ونحوه.
(¬2) لعل الأنسب أن يقال: - "بما". وكذلك ورد في أشباه ابن الوكيل.
(¬3) أى الزوجة التي أقر بطلاقها.
(¬4) وفي الروضة نقل عن فتاوى الغزالي، يفيد بخلاف ذلك، قتال النووى: - "وفي فتاوى الغزالي: إِذا كتب الشروطي إِقرار رجل بالطلاق فقال له الشهود: نشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فقال: أشهدوا؛ لا يقع الطلاق بينه وبين الله تعالى، بل لو قال: أشهدوا على أنى طلقتها أمس وهو كاذب لم يقع فيما بينه وبين الله تعالى". روضة الطالبين (8/ 38).
(¬5) نقل النووى قول الإمام في: الروضة (8/ 224).
(¬6) فادعاها الزوج وأنكرتها الزوجة.
(¬7) نص ما قال البغوى هو: - "فدعواه الرجعة رجعة؛ لأن من ملك إِنشاء شيء كان دعواه كالإنشاء" التهذيب، جـ 3: ورقة (165/ ب).
(¬8) حكاه عن القفال جماعة؛ ليس منهم البغوى، فإِنه لم يذكر اسم القفال في كتابه المتقدم.

الصفحة 464