كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 1)

وقد أطلق الشافعي: أن النجش (¬1) حرام (¬2). وقال في البيع على بيع أخيه: "هو حرام على من علم النهي (¬3). قال بعض الأصحاب (¬4): إنما قيد الشافعي ذلك (¬5) [في البيع] (¬6) على بيع الغير، وأطلق في النجش (¬7)؛ لأن النجش خداع وحرمته معروفة بالعقل، بخلاف البيع على بيع الغير. وهذا غير صحيح؛ لما تقرر في الأصول (¬8)، وهو أيضًا من جنس ما تقدم عن الماوردي، وأيضًا فالبيع على بيع الغير إضرار، وهو (¬9)
¬__________
(¬1) بيّن الشافعي معنى النجش لقوله: - "والنجش أن يحضر الرجل السلعة فيعطي بها الشيء وهو لا يريد الشراء ليقتدي به السوام فيعطون به أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه" الأم (3/ 91).
(¬2) ذكر تاج الدين السبكي أن الشافعي أطلق القول بتعصية الناجش في المختصر، انظر: الإبهاج (1/ 136).
ولما رجحت إِلى المختصر -أعني مختصر المزني- وجدت أن الإطلاق هو من جهة عدم ربط القول بتعصية الناجش بعلمه بالنهي عنه، ولكنه ربط العصيان بالنهي، ونص عبارة المختصر: - "فهو عاص لله بنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" مختصر المزني (88).
والباء في كلمة: (بنهي) للسببية.
أما عبارة الأم فلا إطلاق فيها ونصها: - "فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالمًا بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -" الأم (3/ 91).
(¬3) هذا معنى قول الشافعي، وأما نصه فهو: - "فإذا باع رجل علي بيع أخيه في هذه الحال فقد عصى إذا كان عالمًا بالحديث فيه" الأم (3/ 92). وقريب منه ما في مختصر المزني (88).
(¬4) القول التالي نقله الرافعي والنووى، كما ذكرا بعض الرد عليه، انظر: فتح العزيز (8/ 225، 226)، وروضة الطالبين (3/ 414، 415).
(¬5) أى: القول بالتحريم.
(¬6) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (76 /أ).
(¬7) القول بالإطلاق في النجش هو بناء على عبارة المختصر؛ لا الأم كما تقدم.
(¬8) من أنه لا حاكم إلا الله، وأن العقل لا يُحَسِّن ولا يُقَبِّح، باعتبار أن معنى حسن الشيء أو قبحه استحقاق فاعله للمدح أو الذم شرعًا.
(¬9) أى الإِضرار.

الصفحة 472