كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

قطعية لا مجال فيها للتردد، ولا يتطرَّقُ إليها احتمالُ الخطأ والوهم الكبير، بل كانوا يهابون أن يُوَجَّهَ إلى هذا الكتاب أيُّ نقد مهما كان شأنه.
وقد كنا نحنُ في أول الأمر كذلك متأثرين بالمحيطِ الذي نعيشُ فيه، وبالثقافة التي تلقيناها من الشيوخ الذين مارسوا هذا العلم قبلَنا، ولم يكن ثَمَّتَ مجالٌ للتردد في أي حُكْمٍ يُصدره حافظُ عصره ابن حجر في حقِّ أحد الرواة، وكنا كغيرنا نأخذ به، وكأنه قضيةٌ مسلمة، ونحكم تبعًا لذلك على الحديث الذي نحن بصدد تخريجه، وكانت جملة أمور خافية علينا آنذاك من أبرزها:
1 - أن الحافظ ابن حجر لم يُحرر الأحكامَ في هذا الكتاب تحريرًا كافيًا لا سيما في الرواة المختلف فيهم.
2 - ولم نكن نَعْلَمُ أن هذه الأحكام اجتهاديةٌ قابلة للأخذ والرد وليست قطعية.
3 - ولم نتبين أن ابن حجر يتناقض في أحكامه تناقضًا عجيبًا، فهو يوثق الرجل هنا أو يضعفه، ويضعفه أو يوثقه في كتاب آخر من كتبه.
حتى أَذِن الله لنا أن نتوغَّلَ في هذا الفن، ويُوفقنا سبحانه إلى تحقيق أكبر موسوعة فيه هو كتاب "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" لحافظ عصره أبي الحجاج يوسف المزي المتوفَّى سنة (742 هـ)، واقتضت طريقةُ التحقيق التي اتبعناها فيه أن نُرَاجِعَ ما ألف في هذا الفن من الكتب، ونوازن بين تلك الأقوال، ونُضيف في تعليقاتنا ما فات الحَافِظَيْنِ المزي وابن حجر من زيادات مهمة في الجرح والتعديل (¬1)، فنستخلص
¬__________
(¬1) ذكر الشيخ محمد عوامة: "أن التقريب هو خلاصة جهود أئمة حفاظ: عبد الغني المقدسي والمزي والذهبي ومغلطاي وابن حجر في مرحلتين: "التهذيب"، ثم =

الصفحة 15