كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

الأولى: ما تجمَّعَ لدينا من أحكام أثناءَ قيامنا بتحقيق "تهذيب الكمال"، وما استدركناه علبه من أقوال في الجرح والتعديل مما لم يقف عيه هو أو المعنيون بكتابه من المختصرين والمستدركين.
الثانية: ما يَسَّرَ الله سبحانه لنا من خِبرة عملية بالرجال وأحاديثهم بعد قيامنا بتحقيق عدد من أمهات دواوين السنة النبوية، وتخريج أحاديثها والحكم على أسانيدها في مدة تزيد على ثلاثين عامًا.
ويتعيَّنُ علينا قبل بيان منهجنا الذي انتهجناه في عملنا هذا أن نقرر بعضَ الحقائق والقواعد، ليكون القارئ العالم على بيِّنة تامة من هذا النهج:

أولًا: النقد الحديثي بين المتقدمين والمتأخرين.
لقد شاع بينَ الناس أن النقدَ الحديثيَّ يقومُ على الإسنادِ والنظر فيما قرره النقاد الجهابذة مِن أحوال الرواة جرحًا او تعديلًا، وهو أمر يحتاج إلى دراسة وإيضاحٍ، فالنقد الحديثي فيما نرى مر بمراحل متعددة:
المرحلة الأولى: وتقومُ على نقد المتون، وعلى أساسها تمَّ الكلامُ في الرواة جرحًا او تعديلًا، وهي مرحلةٌ تمتدُّ مِن عصرِ الصحابة حتى نهاية النصف الأول من القرن الثاني الهجري، فقد كان الصحابة رضوانُ الله عليهم يَرُدُّ بعضُهم على بعض حينما يستمعون إلى متونِ الأحاديث الرويةِ، والأحكام المتصلة بها، فتردُّ عائشة مثلًا على أبي هريرة وابن عمر وأبيه، ويرد عمر على عائشة وعلى فاطمة بنت قيس، وهلم جرًا، ويظهر ذلك في العديدِ من الأحاديث التي ساقها البخاري ومسلم في "صحيحيهما".
المرحلة الثانية: وهو طورُ التبويبِ والتنظيم، وجمعِ أحاديث كُلّ

الصفحة 18