كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

"ت 365 هـ"، والدارقطني "ت 385 هـ".
ولعل أبرز من يُمثل هذه المرحلة هو ابن عدي في كتابه "الكامل في ضعفاء الرجال". كان ابنُ عدي يعتمدُ أقوال المتقدمين، فيوردها عادة في صدر الترجمة، ثم يفتش حديث الرجل - وهذا يقتضي أن يجمع حديثه، ويسوق منه أحاديثه المنكرة، أو ما أُنكر عليه، أو الأحاديث التي ضُعِّف من أجلها، فيدرسها ويُبين طرقها - إن كانت لها طرق أخرى -، ويُصدر حكمًا في نهاية الترجمة يُبين فيه نتيجة دراسته هذه، ويُعبّر عن ذلك بأقوالٍ دالةٍ نحو قوله: "لم أجد له حديثًا منكرًا" (¬1)، أو: "لا أعرف له من الحديث إلا دون عشرة" أو: "هذه الأحاديثُ التي ذكرتها أنكر ما رأيتُ له" (¬2)، ونحو ذلك من الأقوال والأحكام التي تشير إلى أن الأساس في الحكم على أي شخص جرحًا أو تعديلًا هي الأسانيد التي ساقها والمتون التي رواها، لا ما قاله أهل الجرح والتعديل فقط. وقد دفعه هذا المنهج إلى إيراد رجال لم يتكلم فيهم أحد، لكنه وجد لهم أحاديث استنكرت عليهم لمخالفتها ما هو معروف متداول من الأسانيد والمتون، وهو ما يُعبر عنه بعدم متابعة الناس له عليها، أو أنها غير محفوظة، نحو قوله في ترجمة سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبُري بعد أن ساق له جملة أحاديث غير محفوظة: "ولسعد غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه غير محفوظ، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا، إلا أني ذكرته لأبين أن رواياته عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة عامتها لا يتابعه أحد عليها" (¬3).
وقضية سعد هذا بينها ابن حِبَّان في "المجروحين" بشكل أوضح،
¬__________
(¬1) "تهذيب الكمال": 27/ 574.
(¬2) "تهذيب الكمال": 2/ 43.
(¬3) "الكامل": 2/ الورقة 32 (1/ 355 من المطبوع).

الصفحة 23