كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

ويشعر القارئ مع كل هذا في بعض الأحيان أن ابنَ حجر لا يُقيم وزنًا البتة لتوثيق ابن حبان، فقد قال في ترجمة عامر بن مصعب من "التقريب": "شيخ لابن جريج لا يُعرف ... وقد وثقه ابن حبان على عادته" (¬1)، وعامر هذا أخرج له البخاري في "الصحيح" مقرونًا، فلماذا لم يَتَّبِعْ هذه القاعدة في كتابه؟
وتَدَبَّرْ بعد ذلك إهماله لِتوثيق ابن حبان في عدد من التراجم حينما صَرَّح بتوثيقٍ واحدٍ من الأئمة حسب، فقال في ترجمة عامر بن عبدة العجلي: "وثقه ابن معين" (¬2)، ولم يقل "ثقة" مع أن العجلي وابن حبان قد وثقاه أيضًا. وقال في ترجمة عبد الله بن السائب الكندي: "وثقه النسائي" (¬3) مع أن ابن حبان وابن سعد قد وثقاه في أصل "تهذيب الكمال". وقال في ترجمة عبد الله بن أبي نهيك: "وثَّقه النسائي" (¬4)، ولم يُطْلِقْ توثيقَه مع كون العجلي وابن حبان قد وثقاه، وقوله في ترجمة عبد الرحمن بن سعد القرشي العدوي: "وثقه النسائي" (¬5) مع علمه أن ابن حبان وثقه أيضًا.
وهذا الموقفُ المضطربُ مِن توثيق ابن حبان والعجلي وابن سعد وأضرابهم، والذي يُمكن تقديمُ عشراتِ الأمثلة عليه، لا يُمكن إحالته على سبب من الأسباب، سوى الابتعادِ عن المنهج وخُلُوِّ الكِتَابِ منه، ومثله مثلُ مئات التراجم التي لم يُحررها تحريرًا جيدًا، بحيث ضَعَّف
¬__________
(¬1) الترجمة 3110.
(¬2) الترجمة 3104.
(¬3) الترجمة 3338.
(¬4) الترجمة 3669.
(¬5) الترجمة 3877.

الصفحة 32