كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

موسى بن هارون: كان ثقة، وكان يُحدث بمثالب أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (¬1).
فإذا كان الأمر هكذا في هذا الشيعي المحترق، الغالي في تشيعه، فما بالُك بمن رُمِيَ بشيءٍ يسيرٍ منه، كالأعمش، وعبد الرزاق، والحسن بن صالح بن حي وأضرابهم من ثقات المحدثين؟
ولا نَعْلَم في النقاد أكثرَ تشددًا من يحيى بن سعيد القطان، وهو يقول في ترجمة عباد بن منصور الناجي البصري الذي اتهم بالقدر: "عباد بن منصور ثقة، لا ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه - يعني: القدر" (¬2).
وكان حريزُ بن عثمان الرحبي ناصبيًا محترقًا، وقال عمرو بن علي: كان ينتقص عليًّا وينالُ منه، وكان حافظًا لحديثه، وقال في موضع آخر: ثبتٌ شديد التحامل على علي، ووثقه جمهور الأئمة، وأخرج له الشيخان في "صحيحيهما"، وقال الذهبي في "الميزان": "كان متقنًا ثبتًا، لكنه مبتدع"، وقال في "الكاشف": "ثقة وهو ناصبي"، وقال في "الديوان": "ثقة لكنه ناصبي مبغض" (¬3).
2 - ومِن ذلك تضعيفُ بعض الرواةِ لِدخولهم في عملِ السُّلطان، وهو أمرٌ غريب لا علاقةَ له البتةَ بحفظِ الراوي وإتقانه وضبطه وتحريه وورعِه ودينه، فانظر قولَ ابن حجر في ترجمة حميد بن هلال العدوي، وهو أحدُ العلماء الثقات المتفق عليهم: "توقف فيه ابنُ سيرين لِدخوله في عمل السلطان" (¬4)، فما الفائدةُ المرجوةُ مِن ذكر هذه العبارة في هذا
¬__________
(¬1) "تهذيب الكمال": 17/ 180 - 182.
(¬2) "الجرح والتعديل": 6/ الترجمة 438، و"تهذيب الكمال" 14/ 158.
(¬3) "تهذيب الكمال": 5/ 568 - 579.
(¬4) الترجمة 1563.

الصفحة 38