كتاب تحرير تقريب التهذيب (اسم الجزء: 1)

تعني الحديثَ الحسنَ، بل دونه، وهو الذي يصلح للمتابعات والشواهد.
على أن هذه الاصطلاحات عند أبي حاتم لا تسيرُ على نمط واحد، فقد عرفنا بالاستقراء أنّه يُطلق لفظة "صدوق" على شيوخه الثقات الذين ارتضاهم وروى عنهم، ويُريد بها "ثقة"، وإنما استعمل هذه اللفظة، كما يبدو، تواضعًا (¬1)، ولم ينتبه الحافط ابن حجر إلى هذه المسألة، ولا أحدٌ ممن جاءَ بعده.
وحين وضع الحافط شمس الدين الذهبي كتابه النفيس "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" وجد أمامَه كمًّا كبيرًا من هذه الألفاظ حاولَ أن يجعلَها صِنفين، فذكر أربع عشرة لفظةٍ وعبارة في الرواة المقبولين، وذكر اثنتين وثلاثين لفظةً وعبارة في المجروحين، عدا مجهولي العين والحال المستورين. وهذه الألفاظ في حقيقتها هي بعض التعابير التي استعملها المتقدمون، وكل حسب تعبيره وفهمه ونهجه ومقصوده منها.
وهذا يَدُلُّ مِن غير شك أن أهلَ العلم لم يتفقوا على تعابير بعينها في تلك الأعصر، مما يتعينُ دراسة ألفاظ كل عالم منهم على حِدة وتحديد مراده من ألفاظه، وكثير من هذه الألفاظ هي ألفاظ وصفية لا اصطلاحية.
أما الحافظُ ابنُ حجر، فقد حاول في مقدمة "التقريب" أن يجعلَهم اثني عشر صنفًا بما فيهم الصحابة، فإذا استثنيناهم، بقي عندنا أحدَ عشر صِنفًا، ولم يُبين غايتَه الواضحةَ من هذا التصنيف، وماذا تعد مرتبة حديثِ
¬__________
(¬1) انظر مثلًا لا حصرًا: "تهذيب الكمال" 20/ 381، 406، 451، 456، و 21/ 603، و 22/ 99، 146، و 24/ 350، 393، 473، 479، و 25/ 42، 81، 572.

الصفحة 43