كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 1)
فَتَحْتَهَا فَإِلَى قَوْلِهِ: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} لِأَنَّ الْأَوْجَهَ فِي {أَنَّ} فِي الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ مَحْمُولَةً عَلَى {أُوحِيَ} وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ جعل الوقف التام {حطبا} وحمل {وأن لو استقاموا} عَلَى الْقَسَمِ فَاضْطَرَّ فِي {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} إلى أن جعل التقدير، {فلا تدعو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
فَإِنْ قِيلَ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ فِي فَتْحِ {أَنَّ} فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَ قَوْلِهِ: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا به ولن نشرك بربنا أحدا} فَلِمَ لَا يَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ الْوَقْفَ التَّامَّ {حطبا} أَلَّا يَقِفَ قَبْلَهُ عَلَى هَذِهِ الْجُمَلِ فِي كَسْرِ {إِنَّ} فِي أَوَّلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا
قُلْنَا: لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمَلَ دَاخِلَةٌ فِي الْقَوْلِ وَمَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الْقَوْلِ لَا يَتِمُّ الْوَقْفُ دُونَهُ كَمَا أَنَّ الْمَعْطُوفَ إِذَا تَبِعَ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِي إِعْرَابِهِ الظَّاهِرِ وَالْمُقَدَّرِ لَا يَتَقَدَّمُهُ الْوَقْفُ تَامًّا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ الْفَصْلُ بِالْمَكْسُورَاتِ بَيْنَ: {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} وَبَيْنَ: {وَأَنَّهُ لما قام عبد الله} فِيمَنْ فَتَحَهُمَا وَقَدْ عَطَفَ بِالثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى
قِيلَ: أَمَّا عِنْدَنَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَصْلٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَ: {إِنَّا سَمِعْنَا} مِنَ الْمَكْسُورَاتِ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْقَوْلِ وَالْقَوْلُ أَعْنِي {فَقَالُوا} مَعْطُوفٌ عَلَى {اسْتَمَعَ} وَ {اسْتَمَعَ} مِنْ صِلَةِ أَنَّ الْأُولَى الْمَفْتُوحَةَ فَالْمَكْسُورَاتُ تَكُونُ فِي خَبَرِ الْمَفْتُوحَةِ الْأُولَى فَيُعْطَفُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهَا وَالثَّانِيَةُ عِنْدَنَا هِيَ
الْمُخَفَّفَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} ثُمَّ الثَّالِثَةُ هِيَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّ المساجد لله}
الصفحة 361