كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 1)

ومنه: {يوم هم على النار يفتنون} {يوم هم بارزون} حَرْفَانِ فُصِلَ الضَّمِيرُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَأُضِيفَ الْيَوْمُ إِلَى الْجُمْلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ
وَ {يَوْمَهُمُ الذي فيه يصعقون} و {يومهم الذي يوعدون} وُصِلَ الضَّمِيرُ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ فَهُوَ جُزْءُ الْكَلِمَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْيَوْمِ الْمُضَافِ وَالضَّمِيرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ،
وَمِنْهُ فِي مَا مَفْصُولٌ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا:
فِي الْبَقَرَةِ: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من معروف} وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى فَرْدٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعٍ يَنْفَصِلُ بِهَا الْمَعْرُوفُ فِي الْوُجُودِ وعلى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَنْكِيرُهُ الْمَعْرُوفَ وَدُخُولُ حِرَفِ التَّبْعِيضِ عَلَيْهِ فَهُوَ حِسِّيٌّ يُقَسَّمُ وَحَرْفُ مَا وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف، فَهَذَا مَوْصُولٌ لِأَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُفَصَّلٍ يَدُلُّكَ عَلَيْهِ وَصْفُهُ بِالْمَعْرُوفِ
وكذلك {في ما اشتهت أنفسهم خالدون} وَهُوَ مَفْصُولٌ لِأَنَّ شَهَوَاتِ الْأَنْفُسِ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُفَصَّلَةٌ فِي الْوُجُودِ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْهُ فِي سَائِرِهَا
وَمِنْهُ: {لِكَيْلَا} مَوْصُولٌ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَبَاقِيهَا مُنْفَصِلٌ وَإِنَّمَا يُوصَلُ حَيْثُ يَكُونُ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ فَيُوصَلُ لِأَنَّ نَفْيَ الْكُلِّيِّ نَفْيٌ لِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ فَعِلَّةُ نَفْيِهِ هِيَ عِلَّةُ نَفْيِ أَجْزَائِهِ وَلَيْسَ لِلْكُلِّيِّ الْمَنْفِيِّ أَفْرَادٌ فِي الْوُجُودِ وَإِنَّمَا

الصفحة 420