كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 1)
ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه}
وَهُوَ إِمَّا قَصِيرٌ كَقَوْلِهِ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عصفا}
أَوْ طَوِيلٌ كَقَوْلِهِ: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}
أَوْ مُتَوَسِّطٌ كَقَوْلِهِ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}
ائتلاف الفواصل مع ما يدل عليه الكلام
السَّادِسُ: اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَأَكَّدُ فِيهَا إِيقَاعُ الْمُنَاسَبَةِ مَقَاطِعُ الْكَلَامِ وَأَوَاخِرُهُ وَإِيقَاعُ الشَّيْءِ فِيهَا بِمَا يُشَاكِلُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُنَاسِبَةً لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَإِلَّا خَرَجَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَنْ بَعْضٍ.
وَفَوَاصِلُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ لَا تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ مِنْهُ مَا يَظْهَرُ وَمِنْهُ مَا يُسْتَخْرَجُ بِالتَّأَمُّلِ لِلَّبِيبِ.
وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: التَّمْكِينِ وَالتَّوْشِيحِ وَالْإِيغَالِ وَالتَّصْدِيرِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّهُ أَنْ كَانَ تَقَدَّمَ لَفْظُهَا بِعَيْنِهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ سُمِّيَ تَصْدِيرًا وَإِنْ كَانَ فِي
الصفحة 78