كتاب كشف المشكل من حديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

أَي تنتظروهم، وَالْمعْنَى: لَا تَبْرَحُوا، وَالْمَقْصُود شجاعته.
382 - / 461 - وَفِي الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثِينَ: " إِن الْأَشْعَرِيين إِذا أرملوا فِي الْغَزْو أَو قل طَعَام عِيَالهمْ بِالْمَدِينَةِ جمعُوا مَا كَانَ عِنْدهم فِي ثوب ثمَّ اقتسموه بَينهم بِالسَّوِيَّةِ، فهم مني وَأَنا مِنْهُم ".
أرملوا: قلت أَزْوَادهم، فمدحهم بالإيثار والمواساة، وأضافهم إِلَيْهِ لِأَنَّهُ غايه الْكَرم، فَقَالَ: " هم مني " يَعْنِي بأفعالهم وَإِن لم يَكُونُوا من أَقَاربه، قَالَ الشَّاعِر:
(وَقلت: أخي، قَالُوا: أَخ ذُو قرَابَة! " ... فَقلت: لَهُم: إِن الشكول أقَارِب)

(نسيبي فِي رَأْيِي وعزمي ومذهبي ... وَإِن خالفتنا فِي الْأُمُور الْمُنَاسب)

383 - / 462 - وَفِي الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يثني على رجل ويطريه فِي الْمَدْح، فَقَالَ: " أهلكتم - أَو قطعْتُمْ - ظهر الرجل ".
الإطراء: الإفراط فِي الْمَدْح، وَلَا يَخْلُو من الْكَذِب. وَأَشَارَ بقوله: " قطعْتُمْ ظهر الرجل " إِلَى تأذيه فِي دينه، فَجعله كَقطع ظَهره.
وَاعْلَم أَن الْمَدْح يشْتَمل على آفتين: إِحْدَاهمَا تتَعَلَّق بالمادح وَهِي الْكَذِب الَّذِي لَا يكَاد يتَخَلَّص مِنْهُ. وَالثَّانيَِة تتَعَلَّق بالممدوح وَهِي تحريكه إِلَى التكبر بفضائله، والطبع كَاف فِي جلب الْكبر وَغَيره من الشَّرّ فَيحْتَاج إِلَى مقاومة تضاده، فَإِذا جَاءَ الْمَدْح أعَان الطَّبْع فَزَاد الْفساد.

الصفحة 412