كتاب كشف المشكل من حديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

ذَلِك فيكثر أكله، وَلِهَذَا الْمَعْنى ترى من قوي خَوفه وحزنه نحيلا، بِخِلَاف أهل الغفلات.
وَقَالَ أَبُو حَامِد الطوسي: معنى هَذَا الحَدِيث أَن الْكَافِر يَأْكُل سَبْعَة أَضْعَاف مَا يَأْكُلهُ الْمُؤمن، أَو تكون شَهْوَته سَبْعَة أَضْعَاف شَهْوَته، فَيكون المعى كِنَايَة عَن الشَّهْوَة، لِأَن الشَّهْوَة هِيَ الَّتِي تقبل الطَّعَام وتأخذه كَمَا تَأْخُذهُ المعى، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ زِيَادَة عدد معى الْكَافِر على معى الْمُؤمن.
وَقد ذهب أَبُو عبيد إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث خَاص فِي رجل بِعَيْنِه كَانَ يكثر الْأكل قبل إِسْلَامه ثمَّ أسلم فنقص ذَلِك، فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِيهِ هَذَا. وَأهل مصر يروون أَنه أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ، قَالَ: وَلَا نعلم للْحَدِيث وَجها غير هَذَا، لِأَنَّك تَجِد من الْمُسلمين من يكثر أكله، وَمن الْكفَّار من يقل أكله. وَقد روى عَطاء بن يسَار عَن جَهْجَاه الْغِفَارِيّ أَنه قدم فِي نفر من قومه يُرِيدُونَ الْإِسْلَام، فَحَضَرُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب، فَلَمَّا سلم قَالَ: " ليَأْخُذ كل رجل مِنْكُم بيد جليسه " قَالَ: فَلم يبْق فِي الْمَسْجِد غير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغيري، فَذهب بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى منزله، فَحلبَ لي عَنْزًا فَأتيت عَلَيْهَا، حَتَّى حلب لي سَبْعَة أعنز فَأتيت عَلَيْهَا، فَلَمَّا أسلمت دَعَاني إِلَى منزله فَحلبَ لي عَنْزًا فرويت وشبعت، فَقَالَت أم أَيمن: يَا رَسُول الله، أَلَيْسَ هَذَا ضيفنا؟ قَالَ: " بلَى، وَلكنه أكل فِي معى مُؤمن اللَّيْلَة وَأكل قبل ذَلِك فِي معى كَافِر، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء " قلت: وَإِن كَانَ

الصفحة 420