كتاب كشف المشكل من حديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)
473 - / 576 - وَفِيمَا انْفَرد بِهِ مُسلم:
أَمر بقتل الْكلاب ثمَّ قَالَ: " مَا بالهم وبال الْكلاب " ثمَّ أرخص فِي كلب الصَّيْد وكلب الْغنم.
أما أمره بقتل الْكلاب فقد بَقِي هَذَا مُدَّة ثمَّ نهى عَن ذَلِك بقوله: " مَا بالهم وبال الْكلاب " وَسَيَأْتِي فِي مُسْند جَابر قَالَ: أمرنَا رَسُول الله بقتل الْكلاب ثمَّ نهى عَن قَتلهَا. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: اقْتُلُوا مِنْهَا كل أسود بهيم. وَيَجِيء فِي حَدِيث: " لَوْلَا أَن الْكلاب أمة لأمرت بقتلها " أَي لاستدمت الْأَمر بذلك. وَلَو أَرَادَ الله سُبْحَانَهُ إبِْطَال أمة لما أَمر نوحًا أَن يحمل مَعَه فِي سفينته من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا حفظ الحمائر للتناسل علم أَنه أَرَادَ حفظ كل الْأُمَم. وَيحْتَمل قَوْله: " لَوْلَا أَن الْكلاب أمة " أَي خلق كثير يشق استيعابها فِي كل الْأَمَاكِن، فَلَا يحصل استئصالها، وَإِنَّمَا أَمر بقتلها لِأَن الْقَوْم ألفوها، وَكَانَت تخالطهم فِي أوانيهم، فَأَرَادَ فطامهم عَن ذَلِك فَأمر بِالْقَتْلِ، فَلَمَّا اسْتَقر فِي نُفُوسهم تنجيسها وإبعادها نهى عَن ذَلِك، فَصَارَ النَّهْي نَاسِخا لذَلِك الْأَمر.
وَمعنى: رخص فِي كلب الصَّيْد وَالْغنم: أَي فِي اقتنائهما.
وَقَوله: " إِذا ولغَ الْكَلْب ... " ولوغ الْكَلْب: تنَاوله المَاء بِطرف لِسَانه، يُقَال: ولغَ يلغ.
الصفحة 493
496