كتاب كشف المشكل من حديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)
وتعفير الْإِنَاء: غسله بِمَاء مَعَه تُرَاب. والعفر: التُّرَاب.
وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على نَجَاسَة الْكَلْب، لِأَنَّهُ أَمر بِغسْل الْإِنَاء، وَقد كشف هَذَا قَوْله فِي حَدِيث آخر: " طهُور إِنَاء أحدكُم " وَالطَّهَارَة تضَاد النَّجَاسَة، وَزَاد هَذَا كشفا أمره بالتعفير، فَلَا يخفى أَن ضم التُّرَاب إِلَى المَاء لزِيَادَة الِاحْتِيَاط فِي التَّطْهِير وَرفع النَّجَاسَة. وَمِمَّنْ ذهب إِلَى أَن الْكَلْب نجس أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، وَقَالَ مَالك وَدَاوُد: إِنَّه طَاهِر، وَإِنَّمَا يغسل ولوغه تعبدا.
وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على وجوب الْعدَد، وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن أَحْمد، فَروِيَ عَنهُ سبع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ على حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَوَافَقَ مَالك دَاوُد على وجوب هَذَا الْعدَد، إِلَّا أَن عِنْدهمَا لَا للنَّجَاسَة. وَرُوِيَ عَن أَحْمد ثَمَان مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ على هَذَا الحَدِيث. وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة، فَروِيَ عَنهُ: يغسل ثَلَاثًا، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لَا يشْتَرط الْعدَد، بل يغسل حَتَّى يغلب على الظَّن الطَّهَارَة.
فَإِن أَدخل الْكَلْب يَده أَو رجله غسل الْإِنَاء كَمَا لَو ولغَ فِيهِ، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَدَاوُد: لَا يجب غسله.
وَالْخِنْزِير كَالْكَلْبِ فِيمَا ذكرنَا خلافًا لمَالِك وَدَاوُد.
وَقد نبه هَذَا الحَدِيث على وجوب الْعدَد فِي غسل النَّجَاسَات، لِأَنَّهُ لما نَص فِي الولوغ على سبع نبه على سَائِر النَّجَاسَات، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُور من مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل، وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى: يجب غسل
الصفحة 494
496