كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

ما هذه؟ قلت: هرة، قيل: فأنت أبو هُريرة.
وأخرج البَغَويّ بسند حسن عن الوليد بن رباح، عن أبي هُريرة، قال: كان يقول لا تكنُوني أبا هُريرة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَناني أبا هِرّ، والذكر خيرٌ من الأنثى.
قال ابن حَجَر: كان إسلامه بين الحُديبية وخَيْبر، قدم المدينة مهاجرًا، وسكن الصُّفَّة. وقال ابن عَبد البَرّ: أسلم أبو هريرة عام خَيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لزمه وواظَبَ عليه رغبةً في العلم راضيًا بِشبَع بطنه، فكانت يده مع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يدور معه حيث دار، وكان من أحفظ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يحضُر ما لا يحضُر سائر المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بالتجارة، والأنصار بحَوائِطِهم، وقد شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه حريصٌ على العلم والحديث، وقال له: يا رسول الله إني أسمع منك حديثًا كثيرًا، وأنا أخشى أن أنسى، فقال: "ابسُط رداءك" قال: فَبَسَطته، فغَرَف بيده فيه، ثم قال: "ضُمّه" فضممته، فما نسيت شيئًا بعدُ.
وفي الصّحيح عن الأعرج قال: قال أبو هُريرة: إنكم تزعُمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله الموعد إني كنت امرأً مسكينًا أصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، وكان المهاجرون يَشْغَلهم الصَّفق في الأسواق، وكانت الأنصار يَشْغَلهم القيام على أموالهم، فحضرت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجلسًا، فقال: "من يَبْسُط رداءه حتى أقضِيَ مقالتي، ثم يقبضُه إليه، فلن يَنْسى شيئًا سمعه مني" فبسطت بُردةً عليّ حتى قضى حديثه، ثم قبضتها إلي، فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئًا سمعته منه بعد.
وأخرج أبو نُعيم من طريق سعيد بن أبي هِند، عن أبي هُريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا تسألني من هذه الغنائم؟ " قلت: يا رسول الله أسألك أن تُعلمني مما علَّمَكَ الله، قال: فَنَزَع نَمِرةً على ظهري وَوَسَّطَها بيني وبينه، فحدثني حتى استوعبت حديثه، قال: اجمَعْها فصُرها إليك" فأصبحت لا

الصفحة 440