كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

الفجر فلْيضَّجع على يمينه" فقال مروان: أما يكفي أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع، قال: لا فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة. فقيل لابن عُمر: هل تُنكر شيئًا ممّا يقول؟ قال: لا، لكنه أجرأ وجَبُنّا، فبلغ ذلك أبا هُريرة، فقال: ما ذنبي إن كنت حَفِظتُ ونَسوا.
وأخرج ابن سعد من طريق الوليد بن رَباح، سمعت أبا هُريرة يقول لمروان حين أرادوا أن يَدْفِنوا الحسن مع جده: تدخل فيما لا يعنيك -وكان الأمير يومئذ غيره- ولكنك تريد رضا الغائب، فغضب مروان، وقال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة وإنما قَدِم قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيسير، فقال أبو هُريرة: قدمت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخَيْبَر، وأنا يومئذ قد زِدْت على الثلاثين، فأقَمْتُ معه حتى مات، وأدور معه في بيوت نسائه، وأخدمه، وأغزو معه، وأحج، فكنت أعلم الناس بحديثه، وقد والله سَبَقني قوم بصحبته، فكانوا يعرِفون لزومي له، فيسألونني عن حديثه، منهم عمر، وعثمان، وعلي، وطَلْحة، والزُّبير، ولا والله لا يخفى علي كل حديث كان بالمدينة، وكل من كانت له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلة، ومن أخرجه من المدينة أن يساكِنه، قال: فوالله ما زال مروان بعد ذلك كافًّا عنه.
وأخرج ابن أبي خَيْثَمة من طريق ابن إسحاق، عن عُروة، عن أبيه، قال: قال أبي أدْنِنِي من هذا اليَماني -يعني أبا هُريرة- فإنه يُكثر، فأدْنيته، فجعل يُحدِّث، والزُّبير يقول: صدق، كذب. فقلت: ما هذا؟ قال: صدق أنه سَمِعَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن منها ما وضَعَه في غير موضعه.
قال البخاريّ: روى عنه نحو الثمان مئة من أهل العلم، وكان أحفظ من روى الحديث في عصره، وقال وَكيع في نسخته: حدثنا الأعْمش، عن أبي صالح، قال: كان أبو هُريرة أحفظ أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه البَغَويّ بلفظ: ما كان أفضلهم، ولكن كان أحفظ.
وأخرج ابن أبي خَيْثَمة من طريق سعيد بن أبي الحسن، قال: لم يكن

الصفحة 445