كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

أحد من الصحابة أكثر حديثًا من أبي هُريرة.
وقال الشّافِعيّ: أبو هُريرة أحفظ من روى الحديث في دَهْره. وقال أبو الزُّعَيْزِعَة كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبي هريرة، فجعل يحدثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به، حتى إذا كان في رأس الحَوْل أرسل إليه، فسأله، وأمرني أن أنظُر، فما غير حرفًا عن حرفٍ.
وفي "صحيح" البخاري عن أبي هريرة، قال: لم يَكُن من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثًا مني إلا ما كان من عبد الله بن عَمرو، فإنه كان يكتُبُ ولا أكتب.
وقال الحاكم أبو أحمد: كان من أحفظ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألزمهم له صحبةً على شِبَع بطنه، فكانت يده مع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يدور معه حيثُ دار إلى أن مات، ولذلك كثُر حديثه.
وفي "الحلية" بسند صحيح عن مُضارب بن جزء: كنت أسير من الليل فإذا رجل يكبر، فلحقتُه، فقلت: ما هذا؟ قال: أُكثِر شكرًا لله على أن كنت أجيرًا لبُسرة بنت غَزْوان لنفقة رحلي وطعام بَطْني، فإذا ركبوا سبقتُ بهم، وإذا نزلُوا خدمتهم، فَزَوَّجَنِيها الله، فأنا أركب، وإذا نزلت خُدمتُ، وكانت إذا أتت على مكان سهل نزلت، فقالت: لا أرِيم حتى تُجعل لي عَصيدة، فها أنا إذا أتيتُ على نحوٍ من مكانها قلت: لا أريم حتى تُجْعل لي عَصيدة، وكان يقول: نشأتُ يتيمًا، وهاجَرْت مسكينًا، وكنت أجيرًا لبُسرة بنت غَزْوان خادمًا لها، فَزوَّجَنِيها الله تعالى، فالحمد لله الذي جعل الدين قوَاما، وجعل أبا هريرة إماما.
وأخرج أحمد في الزهد بسند صحيح عن أبي عثمان النَّهْدِي، قال: تَضَيَّفتُ أبا هُريرة سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يقتسمون الليل أثلاثا، يصلّي هذا ثم يُوقظ هذا.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عِكرمة أن أبا هريرة كان يُسبِّح كلَّ يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، يقول: أسَبِّحُ بقدر ذنبي.

الصفحة 446