كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

وعن ابن سِيرين أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين، فقَدِم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استَأثَرْتَ بهذه الأموال فمِنْ أين لك؟ قال: خيل نُتِجت، وعَطِيَّةٌ تتابعت، وخراجُ رقيقٍ لي، فنظر، فوجدها كما قال، ثم دعاه ليستعمله، فأبى، فقال: لقد طلب العمل من كان خيرًا منك، فقال: إنه يوسُف نبي الله بن نبي الله، وأنا أبو هُريرة بن أُمَيمة، وأخشى ثلاثًا: أن أقول بغير علم، أو أقضي بغير حُكم ويُضرَبَ ظهري ويُشْتَمَ عرضي ويُنْزَعَ مالي.
وأخرج الزُّبير بن بكّار في كتاب المزاح عن سعيد عن أبي هريرة أن رجلًا قال له: إني أصبحت، فجئت أبى، فوجدت عنده خبزًا ولحمًا، فأكلت حتى شبعت، ونسيت أني صائم، فقال أبو هُريرة: الله أطعمك، قال: فخرجت حتى أتيت فلانًا، فوجدت عنده لِقحة تحلب، فشربت من لبنها حتى رويت، قال: الله سقاك، قال: ثم رجعت إلى أهلي، فقِلْت، فلما استيقظتُ دعوت بماء، فشربته، فقال له: يا ابن أخي أنت لم تَعَوَّد الصيام.
وأخرج ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، قال: دخلت على أبي هريرة، وهو شديد الوجع، فاحتضنته، قلت: اللهم اشفِ أبا هريرة، فقال: اللهم لا تُرجِعْها، قالها مرتين، ثم قال: إن استطعت أن تَمُوتَ فمُتْ، والله الذي نفس أبي هُريرة بيده لَيَأْتيَنَّ على الناس زمانٌ يَمُرُّ الرجل على قبر أخيه، فيتمنى أنه صاحبه. وروى هذا الحديث عُمَير بن هانئ. قال أبو هريرة: تَشَبَّثوا بصُدغَي معاوية، اللهم لا تُدركني سنة ستين.
ورُوي عن أبي داود أنه قال: كنت أجمع مسند أبي هريرة، فرأيته في النوم وأنا بأصْبَهان، فقال لي: أنا أول صاحب حدّث في الدنيا.
وأخرج البَغَويّ عن أبي هُريرة أنه لما حضرته الوفاة بكى، فسُئِلَ فقال: من قلة الزاد، وشدة المفَازَة.

الصفحة 447