كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

جَدُّ عَلي بن هاشِمٍ بَرِيدُ ... وابْنُ حَفيدِ الأشعَرِي بُرَيْدُ
الرابع: أبو بُردة بن أبي موسى الأشْعريّ الفقيه، اسمه الحارث، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته.
قال ابن سَعْد: كان ثقة كثير الحديث. وقال العِجْلِيّ: كوفي تابعي ثقة. وقال ابن خِراش: صدوق. وقال مُرّة: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
ولي قضاء الكوفة بعد القاضي شُرَيح، وله مكارم ومآثر مشهورة، وكان أبو موسى تزوج في عمله على البَصرة طنية بنت دمون، وكان أبوها رجلًا من أهل الطائف، فولدت له أبا بُردة، فاسترضع له في بني فقيم في أهل الفرق وسماه أبو موسى عامرًا، فلما شبَّ كساه أبو شيخ بن الفرق بُرْدَتَين وغدا به على أبيه، فكَنَاه أبا بُردة، فذهب اسمه، وكان ولده بلال قاضيًا على البَصرة، وهم الذين يقال في حقهم: ثلاثة قضاة في نسق، فإن أبا موسى قضى لعمر رضي الله عنهما بالبصرة، ثم قضى بالكوفة في زمن عثمان رضي الله عنه. وبلال المذكور هو ممدوح ذي الرُّمة، وله فيه غُزَرُ المدائح، وفيه يقول مخاطبًا لناقته:
إذا ابنُ أبي مُوسى بِلاَلٌ بَلَغْتِهِ ... فَقَامَ بِفَاسٍ بَيْنَ وَصْلَيكِ جَازِرُ
وفيه يقول:
سَمِعْتُ النَّاسَ يَنتَجِعُون غَيْثًا ... فقُلْتُ لِصَيدَحَ انْتجِعِيِ بِلَالا
صيدح اسم ناقته، وكان بلال أحد نواب خالد بن عبد الله القَسْري، فلما عُزِل وولي موضعه يوسف بن عُمر الثَّقفي على العِراقين حاسب خالدًا ونوابه وعذبهم، فمات خالد من عذابه وبلال، وجَلَس أبو بُردة يومًا يفتخر بأبيه، ويذكر فضائله وصحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان في مجلس عام وفيه الفَرَزْدَق الشاعر، فلما أطال القول في ذلك أراد الفَرَزدق أن يَغُضَّ منه، فقال: لو لم يكن لأبي موسى مَنْقَبَة إلا أنه حَجَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكفاه، فامتعض أبو بُردة من ذلك، ثم قال: صدقت، ولكنه ما حجم أحدًا قبله

الصفحة 476