كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

ويحيى بن سعيد في الستة سواه أربعة، ومر الكلام عليهم أول حديث، ومر الكلام على التَّميْميّ في عبد الله بن المُبارك، وعلى البَصْرِي في ترجمة شعبة.
الثالث: شُعبة، وقد مر تعريفه في الثالث من كتاب الإِيمان هذا.
الرابع: قتادة بن دِعامة -بكسر الدال المهملة وتخفيف العين المهملة- بن قَتَادة بن عَزيز بن عَمْرو بن رَبيعة بن عُمر بن الحارث بن سَدُوس أبو الخطّاب السَّدوسِيّ البَصْرِيّ.
ولد أكمه. قال الزَّمَخْشَرِيّ: لم يكن في هذه الأمة أكمه: أي ممسوح العين غير قَتادة. روى مَعْمر عن قَتَادة أنه أقام عند سعيد بنِ المُسَيِّب ثمانية أيام، فقال له في اليوم الثالث: ارتَحِل يا أعمى فقد أنْزَفْتَني. وقال عَمرو ابن عبد الله: لما قَدِمَ قتادة على سعيد بن المُسَيِّب، فجعل يسأله أيامًا وأكثر، فقال له سعيد: أكُلُّ ما سألتني عنه تحفظُه؟ قال: نعم، سألتك عن كذا، فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وقال فيه الحَسن كذا، حتى ردَّد عليه حديثًا كثيرًا، قال: فقال سعيد: ما كنت أظن أن الله خلق مثلك. وقال سعيد بن المُسيِّب: ما أتاني أحسن من قتادة.
وقال بُكَير بن عبد الله المُزَنيّ: ما رأيت الذي هو أحفظ منه، ولا أجْدَرُ أن يؤدي الحديث كما سمعه. وقال ابن سِيرين: قتادة هو أحفظ الناس. وقال مَطَرٌ الورّاق: كان قتادة إذا سمع الحديث أخذه العويل والزَّويل حتى يَحْفَظَهُ، أي: القلق والانزعاج، بحيث لا يَسْتَقرُّ على مكان. وقال مَعْمر: قال قَتادة لسعيد بن أبي عَروبة: خذ المُصْحَف، فَعَرضَ عليه سورة البَقَرَة، فلم يُخْطِىء فيها حرفًا واحدًا، فقال له: يا أبا النَّضْر أحْكَمْتُ؟ قال: نعم، قال: لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة، وكانت قُرئَت عليه. وقال مَطَر الوَرّاق: ما زال قَتَادة متعلمًا حتى مات. وقال رجلٌ لأبي قِلابة: من أسأل؟ أسأل قتادة؟ قال: نعم. وقال شعبة: حدثت سُفيان بحديث عن قتادة، فقال لي: وما كان في الدنيا مثل قَتادة.

الصفحة 496