كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

وقال مَعمر: قلت للزُّهرِيّ: قتادة أعلم عندك أم مَكْحول؟ قال: لا بل قتادة. وقال ابن مَهْدي: قَتادة أحفظ من خمسين مثل حُميد الطّويل. قال أبو حاتم: صَدَق ابنُ مَهْدي. وقال مَعْمر، عن قتادة: ما قُلتُ لمحدثٍ قطُّ أعِد عليَّ، وما سمعت أذناي شيئًا قطُّ إلا وعاه قلبي. وقال أبو حاتم: سمعت أحمد ابن حَنْبل، وذُكِرَ قتادة، فأطْنَبَ في ذكره، فجعل ينشُر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه، وقال: قلما تجد من يتقدمه، أما المِثْل فلَعَلَّ. وقال الأثْرم: سمعت أحمد يقول: كان قتادة أحفظ من أهل البصرة، لم يَسْمعَ شيئًا إلا حفظه، وقُرِىء عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها، وكان سليمان التَّيْميُّ وأيوب يحتاجون إلى حفظه ويسألونه، وقال ابن حِبان: كان من علماء الناس بالقرآن والفقه، ومن حفاظ أهل زمانه. وقال ابن مَعين: ثقة. وقال أبو زُرعة: قتادة من أعلم أصحاب الحَسَن. وقال أبو حاتم: أثبت أصحاب أنس الزُّهريّ، ثم قتادة، قال: وهو أحب إلي من أيوب ويزيد الرّشك إذا ذَكَرَ الخبر، يعني: إذا صرح بالسماع. وقال ابن سعد: كان ثقة، مأمونًا، حجّةً في الحديث، وكان يقول بشيءٍ من القدر. وقال همام: لم يكن يَلْحَن. وقال أبو عُبيدة: ما كنا نَفْقِد راكبًا من ناحية بني أمية يُنيخُ على باب قَتَادة فيسأله عن خبر أو نسب أو شعر. وقال مَعْمر: سألت أبا عمرو بن العلاء عن قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]، فلم يُجبْني، فقلت: إني سمعت قتادة يقول: مُطيقين، فسكت، فقلت له: ما تقول يا أبا عَمْرو؟ فقال: حسبُك قَتادة، فلولا كلامُهُ في القدر، وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ذُكر القدر فأمسكوا"، لما عدلت به أحدًا من أهل دهره.
وكان قتادة من أنسب الناس، وقد أدْرَكَ دَغْفَلًا -بفتح الدال- النسابة، وكان يَدُور البصرة أعلاها وأسفلها بغير قائد، ودخل يومًا مسجد البصرة، فإذا بعمرو بن عُبيد ونفر معه قد اعْتَزَلوا حَلْقة الحسن البَصْريّ، وحَلَّقوا، وارتفعت أصواتهم، فأمَّهم، وهو يظُن أنها حلقة الحسن، فلما صار معهم عرف أنها ليس هي، فقال: إنما هؤلاء المعتزلة، ثم قام

الصفحة 497