كتاب الأسماء والصفات للبيهقي (اسم الجزء: 1)

§بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54] , فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الْخَلْقَ صَارَ مُكَوَّنًا مُسَخَّرًا بِأَمْرِهِ ثُمَّ فَصَلَ الْأَمْرَ مِنَ الْخَلْقِ , فَقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] , قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ مِنَ الْأَمْرِ , فَقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 2] فَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ مَعَ الْإِنْسَانِ فِي الْخَلْقِ , بَلْ أَوْقَعَ اسْمَ الْخَلْقِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى الْقُرْآنِ , وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فَوَكَّدَ الْقَوْلَ بِالتِّكْرَارِ , وَوَكَّدَ الْمَعْنَى بِإِنَّمَا , وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ , قَالَ لَهُ: كُنْ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ مَخْلُوقًا لَتَعَلَّقَ بِقَوْلٍ آخَرَ , وَكَذَلِكَ حُكْمُ ذَلِكَ الْقَوْلِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِمَا لَا يَتَنَاهَى , وَذَلِكَ يُوجِبُ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ الْقَوْلِ , وَذَلِكَ مُحَالٌ , فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ أَمْرًا أَزَلِيًّا , مُتَعَلِّقًا بِالْمُكَوِّنِ فِيمَا لَا يَزَالُ , فَلَا يَكُونُ لَا يَزَالُ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ عَلَى مُقْتَضَى تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ , وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ مُتَعَلِّقٌ الْآنَ بِصَلَاةِ غَدٍ ,

الصفحة 556