كتاب الأسماء والصفات للبيهقي (اسم الجزء: 1)

وَالْمَذْكُورُ الْمَتْلُوُّ الْمَعْلُومُ غَيْرُ مُحْدَثٍ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُحْدَثٌ وَالْمَذْكُورُ غَيْرُ مُحْدَثٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] يُرِيدُ بِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا أسَمَّعْنَاهُ الْمَلَكَ وَأَفْهَمْنَاهُ إِيَّاهُ وَأَنْزَلْنَاهُ بِمَا سَمِعَ فَيَكُونُ الْمَلِكُ مُنْتَقِّلًا ِبهِ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ , وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] , يُرِيدُ بِهِ حَفِظَ رُسُومِهِ وَتِلَاوَتَهُ , وَقَوْلِهِ: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] وَالْحَدِيدُ جِسْمٌ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْإِنْزَالُ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ خَلْقِهِ وَقَعَ فِي عُلُوٍّ , ثُمَّ نُقِلَ إِلَى سُفْلٍ , فَأَمَّا الْإِنْزَالُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ فَغَيَّرُ مَعْقُولٍ , وَأَمَّا النَّسْخُ وَالْإِنْشَاءُ وَالنِّسْيَانُ وَالْإِذْهَابُ , وَالتَّرْكُ وَالتَّبْعِيضُ , فَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى التِّلَاوَةِ أَوِ الْحَكَمِ الْمَأْمُورِ بِهِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
486 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {§مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: مَا نُبَدِّلُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَتْرُكُهَا , أَيْ لَا نُبَدِّلُهَا , {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ , وَأَرْفَقُ بِكُمْ
487 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ , فِي قَوْلِهِ: {§مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: أَوْ نَتْرُكْهَا نَرْفَعْهَا مِنْ عِنْدِهِمْ فَنَأْتِي بِمِثْلِهَا أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا
وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -[562]- فِي قَوْلِهِ: {§مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] أَيْ نُثْبِتْ خَطَّهَا وَنُبَدِّلْ حُكْمَهَا , أَوْ نُنْسِهَا أَيْ: نُرْجِئْهَا عِنْدَنَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا قُلْتُ: وَفِي هَذَا بَيَانٌ لِمَّا قُلْنَا وَالْمُخَايَرَةُ لَا تَقَعُ فِي عَيْنِ الْكَلَامِ , وَإِنَّمَا هِيَ فِي الرِّفْقِ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَكَذَلِكَ الْمُفَاضَلَةُ إِنَّمَا تَقَعُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى مَا جَاءَ مِنْ وَعَدِ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ فِي قِرَاءَةِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الصفحة 561