كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

حكمهن من دليل آخر، قوله: والا سبابًا، أي دع التخصيص بصور الأسباب التي ورد لأجلها العام فلا يختص العام بها بل يبقى على عمومه كما هو المشهور عن مالك والشافعي، وقيل: يقصر على سببه قال الأبهري وهو مذهب مالك ومحل الخلاف إذا لم تدل قرينة على قصره عليه وإلا اختص به بلا خلاف كقوله عليه الصلاة والسلام عند رؤية الرجل الذي ظلل عليه (ليس من البر الصيام في السفر) وكذا لا خلاف في عمومه إذا دلت قرينة على التعميم كقوله تعالى ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) الآية، فإن سببها رجل سرق رداء صفوان ابن أمية فالإتيان بالسارقة معه قرينة دالة على التعميم ومثال المختلف فيه حديث الترمذي وغيره (قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة- وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن- فقال أن الماء طهور لا ينجسه شيء) أي مما ذكر وغيره وقيل مما ذكر وهو ساكت عن غيره فمن عمم نظر لظاهر اللفظ ومن قصره على السبب نظر لوروده فيه وبضاعة بالضم والكسر اسم لصاحب البير أو لموضعها والحيض بكسر الحاء المهملة وفتح المثناة مخففة الخرق التي يمسح بها دم الحيض والملقى له السيول أو الريح أو المنافقون والنتن بمعنى المنتن وذكر ما وافقه من مفرده يعني: فلتترك أيضًا التخصيص بذكر بعض أفراد العام بحكم العام قال في التنقيح: وذكر بعض العموم لا يخصصه خلافًا لأبي ثور يعني: أنه قال يقصره على ذلك البعض بمفهومه إذ لا فائدة لذكره إلا ذلك، ورد بأن مفهوم اللقب ليس بحجة عند الجمهور وفائدة ذكر البعض نفي احتمال إخراجه من العام وهذه المسألة أعم من مسألة عطف الخاص على العام والعكس فالمراد على أن يحكم على الخاص بما حكم به على العام سواء ذكرا في لفظ واحد كقوله تعالى ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)) أو ذكر كل على حدته كحديث الترمذي وغيره (أيما أهاب دبغ فقد طهر) مع حديث مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال هلا أخذتم أهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا أنها ميتة فقال إنما حرم أكلها) قال بعضهم الانتفاع يستلزم الطهارة لأن إطلاق الانتفاع يستلزم ذلك إذ من أفراده ما يتوقف على الطهارة كالصلاة فيه أو عليه وإرادة بعض الانتفاعات من غير بيان مما لا فائدة فيه قاله في الآيات البينات وأبو

الصفحة 259