كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

يعني: أن من التأويل البعيد حمل الحنفية حديث ((لا صيام لمن لم يبيت)) أي الصوم من الليل على القضاء والنذر وهو المراد بالالتزام، ولفظ أبي داوود: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) ومن في قوله من الليل إبتدائية وبمعنى في لصحة النفل ورمضان بنية من النهار عندهم وإنما أولوه بذلك لمعارض صح عندهم في النفل في رمضان، أما النفل فما روى مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: ((دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا لا: فقال إني صائم))، وأما رمضان فحديث في كتب الحنفية أنه صلى الله عليه وسلم قال بعدما شهد الأعرابي برؤية الهلال: ((ألا من أكل فلا يأكل بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم)) وجه بعده بأنه قصر للعام النص في العموم على صورة نادرة لندرة القضاء والنذر بالنسبة إلى الصوم المأمور به في أصل الشرع مع أن حديث الأعرابي لم يجده ابن حجر وقد رواه الدارقطني وأبو يعلى على وجه لا يخالف حديث: ((لا صيام لمن لم يبيت)) وهو أنه لما شهد الأعرابي عنده صلى الله عليه وسلم ليلة شهر رمضان أمر أن ينادي مناد أن يصوموا غدا وحديث النفل يمكن حمله على الصوم اللغوي.
(وذو وضوح محكم).
يعني: أن المحكم هو اللفظ المتضح الدلالة على معناه وذلك المتضح إما نص وإما ظاهر ويأتي المحكم بمعنى غير المنسوخ ومنه: ((آيات محكمات)) ويأتي بمعنى المتقن ومنه: ((أحكمت آياته)) أي أتقنت فلا يتطرق إليها خلل من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى.
والمجمل * هو الذي المراد منه يجهل.
ذالمجمل ما له دلالة غير واضحة من قول أو فعل فخرج اللفظ المهمل إذ لا دلالة له وخرج المبين لأن دلالته واضحة وعرفه في التنقيح بأنه الدائر بين احتمالين بسبب الوضع وهو المشترك أو من جهة العقل كالمتواطئ بالنسبة إلى جزيئاته فكل مشترك مجمل وليس كل مجمل مشتركا هو قوله بين احتمالين يريد أو احتمالات والمجمل مأخوذ من الجمل وهو الخلط والجمع قوله كالمتواطئ إلخ ...

الصفحة 273