كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

وفيه تأخير بعض البيان عن بعض، فالبقرة مطلقة ثم بين تقييدها بما في أجوبة أسئلتهم، ومنع العضد كونها بقرة معينة بل هي بقرة ما فلا تحتاج إلى بيان فيتأخر بدليل: ((يأمركم أن تذبحوا بقرة)) وهو ظاهر في بقرة غير معينة فيحمل عليها، وبدليل قول ابن عباس وهو رئيس المفسرين لو ذبحوا أي بقرة أجزأتهم ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، المراد منه وعورض بأنها لو لم تكن معينة لكان إيجاب المعينة بعد إيجاب المطلقة نسخا للإيجاب الأول، وأهل العلم لم يجعلوا ذلك من قبيل النسخ، ومن أدلة الوقوع قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه الصلاة والسلام: ((إني أرى في المنام)) .. الخ أي أني أمرت بذبحك وهذا حكم ظاهر الدوام ثم بين نسخة بقوله: ((وفديناه بذبح عظيم)) أي بدلالته على النسخ لا أنه الناسخ.
وقيل بالمنع بما كالمطلق ..
الباء من قوله بما ظرفية القولان الأولان مطلقان فعند الجمهور يجوز تأخير البيان إلى وقت الفعل فيما له ظاهر أم لا، تقدم البيان الإجمالي كأن يقول هذا العام مخصوص وهذا المطلق، مقيد وهذا الحكم منسوخ أم لم يتقدم تأخر بعض البيان عن بعض أم لا والقول الثاني قانع في جميع الأحوال، وقال أبو الحسين البصري من المعتزلة: يمتنع أن لم يتقدم البيان الإجمالي فيما له ظاهر وهذا مبني على التحسين والتقبيح العقليين وذلك باطل عندنا وأبو الحسين يقول الجهل البسيط لا يخلو البشر عنه استحالة الإحاطة عليه والجهل المركب أعظم ففسره لتركيبه من جهلين مع إمكان السلامة منه فيجوز على الله تعالى إيقاع عبده في البسيط لخفته وعدم إمكان السلامة منه دون المركب لفرط قبحه مع إمكان السلامة منه فما لا ظاهر له إذا تأخر بيانه إلى الحاجة إنما يوقع العبد في الجهل البسيط وهو جهل مراد الله تعالى به وما له ظاهر كالعموم المراد به الخصوص فمتى تأخر اعتقد السامع أن مراد الله به ظاهره وليس مرادا فجهل وجهل أنه جهل باختصار قوله وقيل بالمنع الخ يعني أن كثيرا من الحنفية وبعض الفقهاء فرقوا بين أن يكون للمبين ظاهر فيمتنع تأخيره إلى وقت الحاجة وبين ما لا ظاهر له كمجمل فيجوز لإيقاعه المخاطب في

الصفحة 282