كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

تبليغ الأصل لا البيان فقد تقدم وكلام ابن لحاجب والإمام الرازي والآمدي يقتضي المنع في القرآن قطعا أي بلا خلاف لأنه متعبد بتلاوته ولم يؤخر صلى الله عليه وسلم تبليغه بخلاف غيره لما علم أنه كان يسأل عن الحكم فيجيب تارة مما عنده ويقف تارة حتى ينزل الوحي فقد كان ما يجيب به حاصلا عنده قبل السؤال وآخر تبليغه إلى السؤال ابحث فيه باحتمال أن تكون الإجابة عن اجتهاد فلا يدل. وأجيب بأن الاجتهاد يحتاج لزمن عقب السؤال، يقع فيه مع أنه كان يجيب فورا قبل مضي ذلك الزمن بل متصلا بالسؤال كما هو معلوم ولو في البعض قاله في الآيات البينات.
ودرء ما يخشى أبي تعجيه
درء بفتح الدال مبتدأ خبره جملة أبي تعجيله ويخشى مبني للمفعول، يعني أنه قد يمنع تعجيل التبليغ ويجب تأخيره إلى وقت الحاجة درء أي دفعا لمفسدة حاصلة في تعجيله فلو أمر صلى الله عليه وسلم بقتال أهل مكة بعد سنة من الهجرة وجب تأخير تبليغ ذلك للناس لئلا يستعد العدو إذا علم ويعظم الفساد ولذلك لما أراد عليه الصلاة والسلام قتالهم قطع الأخبار عنهم حتى دهمهم وكان ذلك أيسر لقتالهم وقهرهم.
ونسبة الجهل لذي وجود ... بما يخصص من الموجود
نسبة مبتدأ خبره من الموجود أي الواقع والذي وجود متعلق بنسبة، وبما متعلق بالجهل ويخصص بكسر الصاد، يعني أن المختار عند القائلين بمنع تأخير البيان إلى وقت الحاجة جواز وقوع أن يسمع المكلف الموجود عند وجود مخصص العام ولا يعلم بذات المخصص بكسر الصاد أولا بوصف أنه مخصص مع علمه بذاته وعدم علم المكلف بالمخصص شامل لما إذا علم بعض المكلفين به ولم يعلمه البعض الآخر إلا أنه تمكن من العلم فهو بمنزلة العالم لتقصيره وشامل لما إذا لم يبلغ أحدا من المكلفين لكنهم لما تمكنوا من البحث كانوا لتقصيرهم

الصفحة 284